بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
333
الأربعاء، 28 أكتوبر 2015
الأربعاء، 16 سبتمبر 2015
الثلاثاء، 24 فبراير 2015
السيادة في الفكر الإسلامي المعاصر
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
لمن السيادة في الدولة الإسلامية؟
يعدُّ هذا السؤال من أشهر الأسئلة المثارة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، ومنذ عشرات السنين ولا تزال الدراسات المعاصرة تجيب عن هذا السؤال، وبإمكان المستقرئ لهذه الدراسات أن يستخرج مادة علمية واسعة، وليس هذا كثيراً على هذه القضية، فهي من القضايا المركزية في الفكر السياسي، بل هي الأساس لمعرفة غاية النظام السياسي، وأساس المشروعية فيه، والقبلة التي تتجه إليها القوانين كافة في المجتمع.
لم يكن لهذا السؤال حضور في التراث الإسلامي بسبب أنه أثير بعد شيوع مفاهيم الفكر السياسي الغربي، حيث إن السيادة تعني السلطة العليا التي لها حق إصدار القوانين وإلزام الناس بها جميعاً من دون أن تكون مقيدة بشيء ولا أن تستمد مشروعيتها من أحد، فهي سلطة واحدة مطلقة مقدسة[1].
وقد نشأت فكرة السيادة نتيجة الصراع الذي جرى في القرن السادس عشر الميلادي في فرنسا بين الملوك من جهة، والإقطاعيين والباباوات من جهة أخرى، فكانت هذه النظرية سنداً فكرياً للملوك لفرض سيطرتهم الداخلية ضد الأمراء الإقطاعيين، ولفرض سيطرتهم الخارجية ضد الإمبراطور والبابا، وإذا كانت الكنيسة تتمتع بنظرية الحق الإلهي لشرعنة طاعتها وخضوع الناس لها، فإن الملوك اتخذوا نظرية السيادة سنداً شرعياً لفرض طاعتهم، حيث صار الانضواء تحت الملك في تلك الحقبة عند عدد من الفلاسفة طوق نجاة للخلاص من التشرذم والانقسام الذي أحدثته الحروب الدينية، ثم تحولت السيادة بعد ذلك فانتقلت من الملك إلى الأمة على يد الثورة الفرنسية[2].
لهذا؛ ذهب عدد من المعاصرين إلى عدم الحاجة إلى طرح هذا السؤال في الفكر السياسي الإسلامي، فهو نشأ في ظل ظرف تاريخي واجتماعي مختلف، وبغرض تحقيق هدف معين، ولهذا فلا معنى لتكرار إعادة السؤال بعد انتهاء الحاجة منه في ظل مجتمع إسلامي لا يعاني إشكالية الإقطاع ولا إشكالية السلطة الدينية التي كانت تسود التاريخ الأوروبي[3]، خصوصاً (أن النظرية الإسلامية لا تعرف مثل هذه السلطة المطلقة، وإنما السلطة طبقاً لها ترد عليها قيود مهمة)[4].. فالشريعة إنما عرفت السلطة والسلطان، أما السيادة بهذا المعنى فـ (إن الاعتراف بالسيادة لأي جهة إنسانية فكرة بعيدة عن الإسلام)[5].
ومع دقة هذا الكلام وعمق نظرته، إلا أن أكثر المعاصرين فضلوا الإجابة عن هذا السؤال، والنظر في مضمونه وحقيقته، والبحث عن إجابةٍ شافيةٍ له؛ بحسب ما يعرفون من أصول الفكر السياسي الإسلامي وقواعده.
ومن خلال تتبّع أجوبة المعاصرين نجدها تنحصر في ثلاثة اتجاهات رئيسية:
السيادة لله أو للشريعة، السيادة للأمة، والسيادة مزدوجة.
الاتجاه الأول:
أن السيادة في الدولة الإسلامية لله أو للشريعة الإسلامية.
وقد ذهب إلى هذه الرؤية عدد غفير من المعاصرين، فمن أقوالهم مثلاً:
قال د. عبد الحكيم العيلي في الحريات العامة ص 215: (ومضمون ذلك التفرقة بين السيادة وبين سلطة الحكم، فالسيادة بيد الله وحده، أما سلطة الحكم فهي مفوضة إلى الأمة تمارسها في حدود السيادة).
وقال د. فؤاد النادي في نظرية الدولة في الفقه السياسي الإسلامي ص 410: (ذلك يؤدي إلى عدم تردّدنا في نقض القول بأن الأمة الإسلامية هي صاحبة السيادة، وأنها منبع ومصدر السلطات في الدولة الإسلامية، ولا يخفف من هذه النتيجة – وهي رفض رأي أن الأمة صاحبة السيادة ومصدرها - القول بأن هذه السيادة ترتبط بما قرره الشارع، بحيث تعد القواعد الشرعية الحدود الطبيعية التي لا يجوز لها أن تتخطاها؛ ذلك أن مثل هذا القول ينفي عن الأمة بداهة أنها صاحبة السيادة طالما أنها لا تستطيع بمقتضى إرادتها العليا أن تضع قانوناً ملزماً أو تقرر أمراً يخرج عن نطاق ما رسمه الشارع).
وقال د. صبحي عبده سعيد في شرعية السلطة والنظام في حكم الإسلام ص 69: (لا محل ولا مجال في ظل الإسلام ونظام الحكم فيه، أن تثار مسألة السيادة لمن تكون في المجتمع؛ لأن هذه السيادة تنعقد لله وحده ولا يجترئ إنسان أن ينازعه هذا الاختصاص).
وقال الأستاذ محمد أسد في نظام الحكم في الإسلام ص 81: (أما الدولة الإسلامية ولو قامت كنتيجة لإرادة الشعب فظلت خاضعة لإشرافه؛ فإنما تستمد سيادتها من قبل الله، فإذا سادت وفق الشروط الشرعية فلها على رعاياها حق الطاعة والولاء).
وعدد غفير من الباحثين غيرهم[6].
الاتجاه الثاني:
أن السيادة أو مصدر السلطات هو للأمة، ومن أقوالهم هنا:
قال د. محمد ضياء الدين الريس في الإسلام والخلافة في العصر الحديث ص 211: (فهي التي تقوم على الشورى في مبدئها في سيرها وقانونها، شرع الإسلام والحاكم ليس إلا منفذاً للشريعة، والأمة هي صاحبة السيادة ومصدر السلطات).
وقال د. قحطان الدوري في الشورى بين النظرية والتطبيق ص 102: (الأمة هي صاحبة السلطة العليا في البلاد، فهي الموجب الأول في العقد للإمام ولأعضاء مجلس الشورى، وهؤلاء هم الذي يمثلونها وينطقون باسمها، وهم الذين يسنون القوانين على ضوء ما جاءت به الشريعة، ويسوسون الناس بما يرضي الله ورسوله، والأمة مشرفة عليهم ومراقبة لأعمالهم تعدّل الزيغ وتقوّم المعوج).
وقال الشيخ محمد بخيت المطيعي في حقيقة الإسلام وأصول الحكم ص 24: (ومن هنا تعلم أن المسلمين بعد وفاته # ومبايعتهم أبا بكر على الوجه الذي حصل؛ كانوا أول من سنّ أن الأمة مصدر جميع السلطات، وأنها هي التي تختار من يحكمها بدين الإسلام، وشريعة الإسلام هي القانون الإلهي الذي وضع ذلك وجعله متبعاً في كل إمام وخليفة).
وغيرهم[7].
أما الاتجاه الثالث فهو محاولة للتوفيق بين الرأيين والجمع بين الاتجاهين، فجعل هناك سيادة لله وسيادة للأمة في الوقت نفسه[8].
حقيقة الخلاف بين هذه الاتجاهات:
لن تجد عناءً حين تفحص هذه الاتجاهات لتصل إلى نتيجة ترى أنها متفقة في المضمون وإن اختلفت في الصياغة، فليس ثم خلاف حقيقي بين هذه الاتجاهات، فهي تتفق جميعاً على أن للأمة سلطة في اختيار الحكومة التي تتولى أمرها، ولها سلطة على مراقبتها ومحاسبتها وخلعها، وليس لأحد أن يفرض على الأمة ما لا تريد، غير أن هذه السلطة والسيادة مقيدة بحدود الشريعة الإسلامية، فلا تستطيع أن تخالفها، ولا مشروعية لهذه المخالفة، فهذه السيادة محكومة قانوناً بسيادة وسلطة أعلى منها.
فهذه صورة المسألة عند الاتجاهات الثلاثة جميعاً، فمن قال السيادة لله قصد أن التشريع والطاعة المطلقة لله، وأما الأمة فلها السلطان والحكم فيما لا يعارض الشريعة. ومن قال إن السيادة للأمة فيعني أن لها الاختيار فيما لا يتعارض مع الشريعة، فالمضمون متفق عليه والخلاف بينهما في تحديد مصطلح السيادة على أي شيء يكون؟ فهو خلاف في تنزيل مصطلح السيادة لا غير.
فقد (تناول الفكر الإسلامي المعاصر هذه المسألة فظهرت ثلاث نظريات، الأولى وترى أن السيادة للتشريع الإلهي، والثانية ترى أن السيادة للأمة، والثالثة أطلق عليها نظرية ازدواج السلطة تقودنا جميعاً إلى سيادة للأمة الإسلامية مقيدة لصالح سيادة أسمى وأعلى منها مرتبة وهي سيادة التشريع المنزل من عند الله)[9].
وقد نبه إلى كون الخلاف لفظياً عدد من الباحثين[10].
وما دام أن الخلاف اصطلاحي، فهو مما يتوسع فيه، لهذا فـ (إذا أراد علماؤنا أن يصطلحوا على مفهوم جديد للسيادة لا يعرف الإطلاق ولا الأصالة ولا التفرد... إلخ ما عرف من السيادة في الفكر الغربي، فلا مشاحة في الاصطلاح، ويقال سيادة مقيدة بأحكام الشرع أو سيادة محكومة بضوابط الشريعة)[11].
فما دام أن ثم اتفاقاً على المضمون، فإن من يقرر بأن السيادة للشريعة لا يعارض - في واقع الأمر - من يقول بأن السيادة للأمة، فهو يقول: (إذا كان لا بد من نسبة السيادة إلى جماعة أو هيئة من البشر فلا بد من التأكيد على أنها سيادة نسبية محدودة بحدود الشريعة الإلهية)[12].
السيادة للشرع والسلطان للأمة:
وهذه صياغة معاصرة تجمع الاتجاهات جميعاً، فهي عبارة محكمة توضح أن السلطة والحكم بيد الأمة، لكنها مقيدة بالسيادة والتشريع الإلهي فلا تتعداه، فحق الأمة في السلطة لا في السيادة؛ لأنها محكومة، لهذا تجد الحديث عن الحكم والاختيار والسلطة والشورى والبيعة والنظام والحرية والرضا، يقرن عند المؤلفين المعاصرين بأنه تحت شرع الله.
(فلا تعتبر البيعة شرعاً إلا برضا المسلمين ومشورتهم واتفاق غالبيتهم؛ لأنها ابتداءً حق من حقوق الأمة الإسلامية ترك الشرع لها اختيار من تريد أن يحكمها بالشرع)[13].
(ليس من شك في أن الأمة هي المكلفة برعاية ذلك وتنفيذه، ولهذا يجب أن يكون سلطانها مطلقاً وسيادتها على بنيها عامة غير مقيدة ولا محدودة إلا بما قيدها الله به وحدده لها)[14].
(السلطة في النظام الإسلامي تخضع لقانون هو شريعة عامة لا يملك الحكام مخالفتها ولا تملك الأمة ذاتها تعديلها أو تبديلها، وبذلك كانت الدولة الإسلامية التي أقيمت في القرن السابع الميلادي أول دولة قانونية دستورية بالمعنى الصحيح)[15].
(وإنما السلطة للأمة تعطيها لجماعة بقيود، فليست سلطة مطلقة، وإنما مقيدة بقيود مهمة شرعية ورقابية وتأهيلية)[16].
(لا يستطيع الشعب تبديل وتعديل هذه القواعد؛ لأنها ليست من صنعه، وإن كان قد ارتضى الخضوع لها والإيمان بها)[17].
فالأحكام الشرعية قيود قانونية لسلطة الأمة لا تملك الخروج عنها ولا تجاوزها؛ لأن سلطتها مقيدة بسلطة شرعية أعلى منها.
حقيقة سيادة الأمة:
فحقيقة سيادة الأمة التي تتفق عليها الاتجاهات جميعاً، أنها سيادة تنفيذ للشرع، وليست سيادة تعلو عليها أو تنافسها أو تتخذ بديلة عنها:
(أساس حق الأمة في الاختيار يكمن في كونها هي المخاطبة أصلاً بتنفيذ الشرع، ولتعذر قيامها بهذا الواجب بصورتها الجماعية فإنها تنيب من يقوم بهذا التنفيذ نيابة عنها وتحت إشرافها ليقوم بتنفيذ ما هي مكلفة به شرعاً)[18].
(هذه المسؤولية الضخمة الملقاة على عاتق الجماعة تقتضي أن يكون السلطان من حق الجماعة نفسها لتستعين به على تنفيذ ما هي مسؤولة عنه، وهو تنفيذ أحكام الشرع وإدارة شؤونها وفق هذه الأحكام)[19].
(رضاها أساس في صحة الولاية العامة، فمصدر سلطة الحاكم الأعلى في الدولة مستمدة من الشورى السياسية هذه أو الانتخاب الحر، ونعني بالسلطة هنا سلطة تنفيذ شرع الله فيهم بما يستلزم ذلك من الاجتهاد التشريعي فيما لا نص فيه بالتفريع على مبادئه والمصالح الجدية الحقيقية المعتبرة)[20].
ومن يملك سيادة التنفيذ يملك التفويض، فالسلطة عقد تفوض الأمة فيه من يحكمها بالشرع، فـ: (اختيار الخليفة من هذا الوجه يؤكد أن الخلافة ليست إلا عقد نيابة يتم بين الجماعة والخليفة، فتوكل الجماعة إلى الخليفة أن يقوم فيها بأمر الله وأن يدير شؤونها في حدود ما أنزل الله، ويقبل الخليفة أن يقوم بالأمر في الجماعة طبقاً لما أمر الله)[21].
فهي المخاطبة بالشريعة: (إن أساس حق الأمة في انتخاب الخليفة لأنها هي المخاطبة في القرآن لتنفيذ أحكام الشرع وإقامة المجتمع السليم ونشر الإسلام في الآفاق، فالأمة إذاً مطالبة باختيار الحاكم من تحديد مسؤوليتها عن تنفيذ أحكام الإسلام، وهذه السلطة أوكلها إليها الشارع ثم كلفها أن تختار خليفة عنها ليقوم عنها بمباشرة السلطة في تنفيذ ما هي مكلفة به)[22].
(إذا كان الله سبحانه وتعالى هو أساس السلطة ومنبعها، فإن السلطة لا تستبد بأمرها طبقة مخصوصة، بل هي بأيدي عامة المسلمين، وهم الذين يتولون أمرها والقيام بشؤونها وفق ما تقتضيه أحكام الشريعة الإسلامية، فالإسلام يتيح حاكمية شعبية مقيدة تعمل في حدود السيادة الإلهية ونطاقها)[23].
(الحاكم نائب عن الأمة في تنفيذ حكم الله سبحانه وتعالى الذي اختارته وهي التي تملك عزله، وهي التي وكل إليها تقويمه إذا حاد وتسديده إذا أخطأ)[24].
(البيعة عقد، ثم إن هذا العقد وكالة، فالوكيل فيه هو الإمام؛ لأن الناس يفوضون إليه وظيفة رعاية شؤونهم والنظر فيها بما يحقق مصالحهم على وفق ما جاء به الشرع)[25].
وهذا يعني أن سيادة الأمة سيادة مقيّدة:
(نادى القرآن بالحكم المقيد بأمر الله والمحكوم المنظوم بالشرعة الاجتماعية والأخلاقية، وأناط الرقابة على كل منهما لسلطة الأمة الشورية)[26].
(والحاكمية ليست مقيدة لسلطة الدولة فقط، بل لسلطة الأغلبية في النظام الديمقراطي)[27].
(لأن الحاكم والمحكومين فيها مقيدون بفكرة معينة وبمجموعة من القيم الخلقية والتشريعية التي تكوّن إطاراً قانونياً ملزماً للجماعة بأسرها، ما جعلهم يطلقون عليها المبادئ فوق الدستورية)[28].
(أما عن حدود سيادة الدولة أو سيادة مجموع الأفراد المكونين للدولة الإسلامية، فهي الحدود التي فرضتها الشريعة الإسلامية، وللأمة أن تضع أنظمتها وقوانينها في حدود هذه السيادة)[29].
(السلطة في الدولة الإسلامية إن كانت تستمد مشروعيتها وأساس وجودها من رضا الشعب واختياره وتوكيله إياها بالسهر على شؤونه، إلا أنها مقيدة بأن تحكم بما أنزل الله)[30].
(سياسة الدولة الإسلامية سياسة مقيدة بحكم الشريعة الإسلامية، ذلك التقييد الذي لا يؤدي إلى تعطيل نص أو الخروج عليه أو مجافاة قاعدة من القواعد الإسلامية)[31].
(وأما حدود سيادة الأمة أو سيادة مجموع الأفراد المكونين للدولة الإسلامية، فهي القيود والحدود التي فرضتها الشريعة الإسلامية على ممارسة هذه السيادة، وليس للأمة مجتمعة أو متفرقة، متفقة مع رئيس الدولة أو مختلفة معه، ممثلة في هيئة تأسيسية أو غير ممثلة؛ أن تتصرف فيما جعله الله حقاً للأفراد أو واجباً على الأفراد أو الجماعات.. وللأمة الإسلامية أن تكيف نظمها وتضع القوانين والدساتير في حدود هذه السيادة)[32].
(جعل سبحانه وتعالى الأمة الإسلامية صاحبة السلطان في شؤونها ما دامت تستعمل ذلك السلطان في حدود الكتاب والسنة)[33].
وإذا كانت سيادة مقيدة، فإن مخالفة الشريعة تفقد السيادة شرعيتها، فلا يكون لها اعتبار:
(وبذلك تكون سيادة الأمة مقيدة بهذا التشريع الإلهي، فإذا تجاوزته فقدت مشروعيتها، وفي التحليل النهائي فإننا نجد أنفسنا أمام سيادة للأمة الإسلامية مقيدة لصالح سيادة أسمى وأعلى منها مرتبة، وهي سيادة التشريع المنزل من عند الله)[34].
(يعتبر الالتزام بتحقيق ذلك الهدف في الدولة الإسلامية هو الحد الأدنى اللازم لوجوب طاعة القائم على السلطة)[35].
(فلا تستطيع السلطة الحاكمة تجاوز الحدود المقررة في كتاب الله وسنة رسول الله #، ولا يستطيع الأفراد أن يتواطؤوا أو يمالئوا حاكماً على إهدار أحكام الشريعة)[36].
(البيعة المرادة بالشرع انتخاب حقيقي يعبر فيه الناس عن اختيارهم شخص الخليفة الذي سيتولى أمورهم، وطبيعي أن يلتزم المبايعون بالطاعة ما التزم الخليفة بأحكام الدين وتقيد بها)[37].
(لا شرعية لتصرف يخالف كتاب الله أو سنته ولا ينسجم معهما)[38].
(لقد أدرك الصحابة رضي الله عنهم هذا الأصل، وهو مبدأ مشروعية ما يصدر عن الإمام من أوامر، وأنه لا بد لها أن تكون مشروعة غير مصادمة للكتاب والسنة، وإلا فقدت قيمتها ووجب رفضها وعدم تنفيذها)[39].
السيادة بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي:
لقد كان الفكر السياسي المعاصر واعياً بالفرق الجذري بين مفهوم السيادة في الفكر الغربي ومفهومها في الفكر الإسلامي، فالقائلون بأن السيادة لله أو السيادة للأمة أو السيادة مزدوجة كانوا واعين بأن هذه السيادة – أياً كانت - تختلف جذرياً عن السيادة في الفكر الغربي؛ لأنها سيادة مقيدة ليست مطلقة، وسيادة تستمد شرعيتها من الشريعة وليست سامية ومستقلة عنها، لهذا عقدوا المقارنة بين مفهوم السيادة في الفكر الغربي ومفهومها في الفكر الإسلامي، فأظهروا الفروق الجذرية التي تكشف اختلاف السيادة في المنظومتين:
1- مصدر السيادة (فمصدر السيادة في العقيدة هو الله.. وفي النظريات الغربية فمردها إلى الإرادة العامة للأمة)[40].
(الديمقراطية تصدر عن فكرة أن الشعب سيد نفسه ليحكم نفسه بالمنهج الذي يراه مناسباً، وهذا مغاير للإسلام رأساً؛ لأنه قائم على التسليم لله وحده بسلطة التشريع)[41].
(السيادة في الديمقراطية الغربية تعني أن إرادة الشعب هي العليا، وأنها في أمور السياسة والحكم والتشريع تبرم ما تشاء وتنتقض ما تشاء، لا يحدها في ذلك حد.. أما السيادة في الفكر السياسي الإسلامي فإنها محدودة من جانب واحد ومطلقة من الجانب الآخر، ففي الجانب الأول يحدها القرآن والسنة اللذان يعتبران من القواعد فوق الدستورية التي تلتزم السلطة التأسيسية باحترامها حين تضع الدستور)[42].
في (حين أن الحكام في الديمقراطية الغربية بإمكانهم أن يفعلوا باسم الأمة ما يشاؤون؛ لأن إرادة الأمة لا تعلوها إرادة)[43].
2- أن سلطة الأمة السياسية في الفكر الإسلامي تعمل في إطار الأحكام الإسلامية ولا اعتبار لها فيما خالف ذلك: (فالمبدأ الإسلامي يعمل في إطار الأحكام الإسلامية التي وردت بها النصوص الصحيحة الصريحة وما أجمعت عليه الأمة بحيث لا تتعارض مع ما يمكن أن يطلق عليه النظام العام للإسلام، ولو تعارض فهو مجرد رأي مبدد الأثر جملة وتفصيلاً)[44].
(ومن ثم، فاجتهاد المسلمين إنما هو داخل هذه المقاييس، ولكن الديمقراطية تترك للبشر حرية وضع هذه المقاييس)[45].
بخلاف سلطة الأمة في الفكر الغربي، فإنها سلطة مطلقة لا يحدها شيء من خارجها: (فإذا كانت سلطة الأمة لا تملك الخروج عن هذه النصوص ولا التعديل أو التبديل فيها ولا الزيادة أو النقصان منها ولا نسخها؛ فإنها بذلك تختلف اختلافاً جوهرياً عن سلطة الأمة في الديمقراطيات الغربية، فسلطة الأمة في هذه الديمقراطيات مطلقة، فالقرارات التي يصدرها المجلس الممثل لها تصبح قانوناً واجب النفاذ وتجب له الطاعة حتى إن جاءت مخالفة للقانون الأخلاقي أو متعارضة مع المصالح الإنسانية العليا)[46].
(منطلق الأساس الفكري لمصطلح الديمقراطية يعطي أفراد المجتمع السياسي سلطات شبه مطلقة في رسم مناهج حياة الشعب في مدلولها الاجتماعي بالصورة التي يرضونها وعلى الطريقة التي يرونها دون حدود أو قيود إلا حدود الدستور، وحتى هذا الأخير يكون قابلاً للتغيير والتعديل.. أما في ظل الأساس الشرعي لمصطلح الشورى، فإن الجماعة السياسية تكون مقيدة في ثبوتها وفي دلالتها بالكتاب والسنة بما يتلاءم مع متغيرات الزمان والمكان)[47].
وأقوال كثيرة عند المعاصرين تقرر هذا المعنى[48].
3- صلاحية التشريع في النظم السياسية المعاصرة تتسع لكل شيء لا يعارض الدستور، بل لها تعديل الدستور نفسه: (في الزمن المعاصر فإن السلطة التشريعية بإمكانها أن تشرع ما تشاء من الأحكام فيما لا يتعارض مع الدستور، بل هي تملك عادة هذا التعديل في مواد الدستور طبقاً لإجراءات معينة، ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر أن الهيئة التأسيسية في الأمة لها الحق في أن تضمّن الدستور ما تشاء من الأحكام، ومعنى هذا أن الدستور ذاته عرضة للتعديل جزئياً أثناء الحياة النيابية وكلياً عندما ترغب الأمة في إيقاف العمل بالدستور ليحل محله دستور جديد.
وفي المقابل فإن القرآن الكريم دستور الأمة الإسلامية إذا صح التعبير، وكذلك السنة النبوية الصحيحة؛ كلاهما ثابت لا تغيير فيهما ولا تبديل)[49].
(ولكنه ليس كالنظام الديمقراطي الحديث في أن الشعب يملك التشريع وتعديل النظام كيف يشاء)[50].
(أما سلطة البرلمان فهي مشرعة الأبواب، فمن حقها التشريع المطلق في كافة المجالات، وكل نظام فهو قابل للتغيير والتبديل)[51].
(أما سلطات المجلس النيابي في الديمقراطية المعاصرة فمطلقة، وإذا كان الدستور يقيدها، فإن الدستور نفسه قابل للتغيير، ولذلك يقال إن الأمة مصدر السلطات في الديمقراطية المعاصرة على الإطلاق، ولكن في الدولة الإسلامية فمصدر السلطات الكتاب والسنة النبوية، أي أن مصدر السلطة هو الشريعة الإسلامية، وإذا قلنا إن الأمة الإسلامية مصدر السلطات فنضيف إلى ذلك أنها مقيدة بنصوص الشريعة)[52]. وأقوال أخرى كثيرة[53].
4- أن الدولة في الفكر الغربي تنشأ أولاً ثم تضع ما تشاء من القوانين، وأما في الفكر الإسلامي فهي إنما نشأت طبقاً لمبادئ القانون الإسلامي، (فالدولة تنشأ أولاً ثم يدور البحث في تكييف ما يلائمها، أما الدولة في الإسلام فإنها نشأت طبقاً لمبادئ القانون الإسلامي)[54].
(المفهوم الإسلامي يخالف الديمقراطية في أساس وجودها، فالتشريع في الإسلام سابق على الأمة وعلى الدولة، وهو يحكمها بتشريعه الإلهي ولا تحكمه هي بتشريعها الوضعي)[55].
لهذا فسيادة الأمة في الفكر الغربي قائمة على تهميش الدين، بخلاف السيادة في الإسلام:
(تقوم الديمقراطية أساساً على مبدأ فصل الدين عن المجتمع، وولادتها جاءت بعد مفارقة الدين)[56].
(كما أن هذه الديمقراطية تسعى لحكم الدنيا بقوانين وضعية على خلاف شرع الله، بمعنى أنها تسعى لتعديل حكم الله، أما نظام الحكم في الدولة الإسلامية فيسعى لحفظ الدين ونشره وحمايته وحكم الدنيا به)[57].
فـ (معيار الصواب في ظل هذه الشرعية يتمثل في مدى تعبير المشرع عن إرادة الأمة ومدى تلبيته لأهوائها ورغائبها ومدى خضوعه لقاعدة دستورية القوانين)[58].
الخلاصة:
هذه الاتجاهات والمواقف ترسم لنا معالم رؤية واضحة في فهم وإدراك (السيادة)، وأن عامة المؤلفين في الفكر السياسي الإسلامي كانوا يسيرون على جادة بيّنة ومتماسكة في التمييز بين السيادة في الفكر الغربي والفكر الإسلامي، غير أن ضغط المفاهيم الغربية قد شتت الرؤية عند بعض الإسلاميين، وأربك خطواتهم، فأصبحت تسير في طرق متناقضة، تسير على جادة الفكر الإسلامي حيناً، وتأخذ من الفكر العَلماني شيئاً آخر، وهي قصة سنرسم ملامحها ونحكي تفاصيلها في المقالة القادمة بإذن الله.
:: مجلة البيان العدد 303 ذو القعدة 1433هـ،سبتمبر 2012م.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر: تاريخ الفكر السياسي لجان توشار 232 و236، تطور الفكر السياسي لجورج سباين 3/556، وتاريخ الفكر السياسي لجان جاك شوفالييه 1/289.
[2] انظر: تطور الفكر السياسي لجورج سباين 3/549، مبادئ نظام الحكم في الإسلام لعبد الحميد متولي 171-172، والدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم 122-123.
[3] انظر: مبادئ نظام الحكم في الإسلام لعبد الحميد متولي 171 وما بعدها، أصول نظام الحكم في الإسلام لفؤاد عبد المنعم 115، والدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم.
[4] الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم 288.
[5] فقه الشورى والاستشارة لتوفيق الشاوي 574.
[6] انظر مثلاً:
أبو الأعلى المودودي، الخلافة والملك، 19 و34 و37؛ أحمد محمد أمين، الدولة الإسلامية والمبادئ الدستورية الحديثة، ص 32؛ وهبة الزحيلي، نظام الإسلام، 188؛ محمد العربي، دولة الرسول في المدينة، 365؛ صلاح الصاوي، نظرية السيادة، 68؛ عبد الكريم عثمان، النظام السياسي في الإسلام، 118-119؛ أبو المعاطي أبو الفتوح، حتمية الحل الإسلامي، 65-66؛ ضوء مفتاح غمق، السلطة التشريعية في نظام الحكم الإسلامي والنظم المعاصرة، 33؛ رائف النعيم، الشورى، 24؛ يعقوب المليجي، مبدأ الشورى، 183-184؛ محمد مفتي وسامي الوكيل، السيادة وثبات الأحكام، 32؛ إبراهيم محمد زين، السلطة في فكر المسلمين، 31؛ محمد فاروق النبهان، نظام الحكم في الإسلام، 166؛ يحيى السيد الصباحي، النظام الرئاسي الأمريكي والخلافة الإسلامية، 534؛ أحمد الحصري، الدولة وسياسة الحكم، 126؛ منظور الدين أحمد، النظريات السياسية الإسلامية في العصر الحديث، 51؛ سميح عاطف الزين، لمن الحكم؟ 164؛ إسماعيل الكيلاني، لماذا يزيفون التاريخ ويعبثون بحقائقه؟ 272؛ هشام أحمد عوض جعفر، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية، 127؛ صالح حسن سميع، أزمة الحرية السياسية في الوطن العربي، 189؛ علي محمد حسنين، رقابة الأمة على الحكام، 48-49؛ جمال الدين عطية، مجلة المسلم المعاصر؛ عارف أبو عيد، السيادة في الإسلام، 168؛ د. علي يوسف الشكري، النظام الدستوري في الشريعة الإسلامية، ص 31؛ عبد الحميد الأنصاري, الشورى وأثرها في الديمقراطية، ص 427؛ محمد رأفت عثمان، رياسة الدولة في الفقه الإسلامي، 387؛ محمد سلام مدكور، معالم الدولة الإسلامية، ص 95؛ توفيق الشاوي، فقه الشورى والاستشارة، 574.
[7] انظر: محمد كامل ليلة، النظم السياسية 205، سعد محمد خليل، تولية رئيس الدولة في الفكر السياسي الإسلامي والفكر السياسي الحديث 24، محمد عمارة، الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية 176، عبد الغني بسيوني، النظم السياسية 58-59، محمود حلمي، نظام الحكم الإسلامي مقارناً بنظم الحكم المعاصرة 40، عبد الكريم زيدان، الفرد والدولة في الإسلام 28، محمد يوسف موسى، نظام الحكم ص 77، ومحمد معروف الدواليبي، الدولة والسلطة في الإسلام ص 43.
[8] انظر: النظريات السياسية الإسلامية لمحمد ضياء الدين الريس؛ نظام الحكم في عهد الخلفاء الراشدين لمحمد حمد الصمد 234.
[9] البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي في الفكر السياسي الحديث لأحمد فؤاد عبد الجواد 347.
[10] انظر: السيادة في الإسلام لعارف أبو عيد 168، الخلافة الإسلامية بين نظم الحكم المعاصرة لجمال المراكبي 417، مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي والأنظمة القانونية المعاصرة لعبد الجليل محمد علي 224، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية لهشام أحمد عوض جعفر134، وأسس العلوم السياسية في ضوء العلوم الشرعية لتوفيق الرصاص 37.
[11] نظرية السيادة لصلاح الصاوي 67.
[12] سيادة الشريعة الإسلامية في مصر لتوفيق الشاوي 84.
[13] البيعة في الفكر السياسي الإسلامي لمحمود الخالدي 109.
[14] مناهج الحكم والقيادة في الإسلام لأنور الجندي 27.
[15] الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم 313.
[16] الدولة الإسلامية بين التراث والمعاصرة لتوفيق الواعي 61-62.
[17] تأصيل وتنظيم السلطة في التشريعات الوضعية والشريعة الإسلامية لعدي زيد الكيلاني 145.
[18] الدولة القانونية والنظام السياسي الإسلامي لمنير البياتي 463.
[19] الفرد والدولة في الإسلام لعبد الكريم زيدان 26.
[20] خصائص التشريع الإسلامي لفتحي الدريني 428.
[21] الإسلام وأوضاعنا السياسية لعبد القادر عودة 99.
[22] نظام الحكم في الإسلام لمنصور الرفاعي عبيد 69.
[23] النظام الدستوري في الإسلام لمصطفى كمال وصفي 70.
[24] الشورى في ظل نظام حكم إسلامي لعبد الرحمن عبد الخالق 82-83.
[25] اهل الحل والعقد في نظام الحكم الإسلامي لعبد الله الطريقي 378.
[26] دستور الحكم والسلطة في القرآن والشرائع لرفيق شنبور 21.
[27] الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية لهشام جعفر 204.
[28] إرادة الأمة في الفكر السياسي الإسلامي لفضل الله محمد سلطح 120.
[29] أسس العلوم السياسية في ضوء الشريعة الإسلامية لتوفيق الرصاص 37.
[30] أهداف ومجالات السلطة في الدولة الإسلامية لفوزي طايل 299.
[31] معالم النظام السياسي في الإسلام لمحمد الشحات الجندي 150.
[32] نظام الحكم الإسلامي مقارناً بالنظم المعاصرة لمحمود حلمي 40.
[33] الدين والدولة في الإسلام للسنهوري 94 بواسطة كتاب الإسلام والسياسة لمحمد عمارة.
[34] مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي والأنظمة القانونية المعاصرة لعبد الجليل محمد علي 224.
[35] شرعية السلطة في الإسلام لعادل فتحي ثابت 294.
[36] من أصول الفكر السياسي الإسلامي لمحمد فتحي عثمان 419.
[37] قاعدة الشورى في مجتمع معاصر لأحمد أبو شنب 74.
[38] الحقوق والحريات في الشريعة الإسلامية لرحيل غرايبة 442.
[39] الحرية أو الطوفان لحاكم المطيري 67.
[40] نظرية السيادة لصلاح الصاوي 74.
[41] القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام لعبد الله الكيلاني 79.
[42] الشورى والديمقراطية لعلي لاغا 129.
[43] نظام الحكم في عهد الخلفاء الراشدين لحمد محمد الصمد 234.
[44] الدولة الإسلامية وسلطتها التشريعية لحسن صبحي 241.
[45] الحكومة والدولة في الإسلام لأحمد شلبي 56.
[46] الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم 319.
[47] مبدأ الشورى قواعده وضماناته لنزار عتيق 92.
[48] انظر: الخلافة الإسلامية بين نظم الحكم المعاصرة لجمال المراكبي 417، نظام الحكم في الإسلام بين النظريات والتطبيق لأحمد عبد الله مفتاح 432، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية لهشام جعفر 131، المشاركة في الحياة السياسية في ظل أنظمة الحكم المعاصر لمشير المصري 85، مبدأ الشورى قواعده وضماناته لنزار عتيق 92، والمشاركة في الحياة السياسية في ظل أنظمة الحكم المعاصر لمشير المصري 85.
[49] الدولة الإسلامية وسلطتها التشريعية لحسن صبحي 296.
[50] النظام الدستوري في الإسلام لمصطفى كمال وصفي 14.
[51] أهل الحل والعقد صفاتهم ووظائفهم لعبد الله الطريقي 159-160.
[52] نظرية الخلافة في العصر الحديث لإسماعيل محمد عيسى شاهين (رسالة دكتوراه) ص 260.
[53] انظر: النظم الإسلامية والمذاهب المعاصرة لحسن عويضة 227-228، القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام لعبد الله الكيلاني 76-77، في فقه السياسة لإسماعيل الخطيب 139، والخلافة والخلفاء الراشدون لسالم البهنساوي 63.
[54] معالم الدولة الإسلامية لمحمد سلام مدكور 121.
[55] القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام لعبد الله الكيلاني 76.
[56] في فقه السياسة لإسماعيل الخطيب 139.
[57] الدولة ونظام الحكم في الإسلام لحسن السيد بسيوني 102.
[58] نظرية السيادة لصلاح الصاوي 79.
فهد بن صالح العجلان
يعدُّ هذا السؤال من أشهر الأسئلة المثارة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، ومنذ عشرات السنين ولا تزال الدراسات المعاصرة تجيب عن هذا السؤال، وبإمكان المستقرئ لهذه الدراسات أن يستخرج مادة علمية واسعة، وليس هذا كثيراً على هذه القضية، فهي من القضايا المركزية في الفكر السياسي، بل هي الأساس لمعرفة غاية النظام السياسي، وأساس المشروعية فيه، والقبلة التي تتجه إليها القوانين كافة في المجتمع.
لم يكن لهذا السؤال حضور في التراث الإسلامي بسبب أنه أثير بعد شيوع مفاهيم الفكر السياسي الغربي، حيث إن السيادة تعني السلطة العليا التي لها حق إصدار القوانين وإلزام الناس بها جميعاً من دون أن تكون مقيدة بشيء ولا أن تستمد مشروعيتها من أحد، فهي سلطة واحدة مطلقة مقدسة[1].
وقد نشأت فكرة السيادة نتيجة الصراع الذي جرى في القرن السادس عشر الميلادي في فرنسا بين الملوك من جهة، والإقطاعيين والباباوات من جهة أخرى، فكانت هذه النظرية سنداً فكرياً للملوك لفرض سيطرتهم الداخلية ضد الأمراء الإقطاعيين، ولفرض سيطرتهم الخارجية ضد الإمبراطور والبابا، وإذا كانت الكنيسة تتمتع بنظرية الحق الإلهي لشرعنة طاعتها وخضوع الناس لها، فإن الملوك اتخذوا نظرية السيادة سنداً شرعياً لفرض طاعتهم، حيث صار الانضواء تحت الملك في تلك الحقبة عند عدد من الفلاسفة طوق نجاة للخلاص من التشرذم والانقسام الذي أحدثته الحروب الدينية، ثم تحولت السيادة بعد ذلك فانتقلت من الملك إلى الأمة على يد الثورة الفرنسية[2].
لهذا؛ ذهب عدد من المعاصرين إلى عدم الحاجة إلى طرح هذا السؤال في الفكر السياسي الإسلامي، فهو نشأ في ظل ظرف تاريخي واجتماعي مختلف، وبغرض تحقيق هدف معين، ولهذا فلا معنى لتكرار إعادة السؤال بعد انتهاء الحاجة منه في ظل مجتمع إسلامي لا يعاني إشكالية الإقطاع ولا إشكالية السلطة الدينية التي كانت تسود التاريخ الأوروبي[3]، خصوصاً (أن النظرية الإسلامية لا تعرف مثل هذه السلطة المطلقة، وإنما السلطة طبقاً لها ترد عليها قيود مهمة)[4].. فالشريعة إنما عرفت السلطة والسلطان، أما السيادة بهذا المعنى فـ (إن الاعتراف بالسيادة لأي جهة إنسانية فكرة بعيدة عن الإسلام)[5].
ومع دقة هذا الكلام وعمق نظرته، إلا أن أكثر المعاصرين فضلوا الإجابة عن هذا السؤال، والنظر في مضمونه وحقيقته، والبحث عن إجابةٍ شافيةٍ له؛ بحسب ما يعرفون من أصول الفكر السياسي الإسلامي وقواعده.
ومن خلال تتبّع أجوبة المعاصرين نجدها تنحصر في ثلاثة اتجاهات رئيسية:
السيادة لله أو للشريعة، السيادة للأمة، والسيادة مزدوجة.
الاتجاه الأول:
أن السيادة في الدولة الإسلامية لله أو للشريعة الإسلامية.
وقد ذهب إلى هذه الرؤية عدد غفير من المعاصرين، فمن أقوالهم مثلاً:
قال د. عبد الحكيم العيلي في الحريات العامة ص 215: (ومضمون ذلك التفرقة بين السيادة وبين سلطة الحكم، فالسيادة بيد الله وحده، أما سلطة الحكم فهي مفوضة إلى الأمة تمارسها في حدود السيادة).
وقال د. فؤاد النادي في نظرية الدولة في الفقه السياسي الإسلامي ص 410: (ذلك يؤدي إلى عدم تردّدنا في نقض القول بأن الأمة الإسلامية هي صاحبة السيادة، وأنها منبع ومصدر السلطات في الدولة الإسلامية، ولا يخفف من هذه النتيجة – وهي رفض رأي أن الأمة صاحبة السيادة ومصدرها - القول بأن هذه السيادة ترتبط بما قرره الشارع، بحيث تعد القواعد الشرعية الحدود الطبيعية التي لا يجوز لها أن تتخطاها؛ ذلك أن مثل هذا القول ينفي عن الأمة بداهة أنها صاحبة السيادة طالما أنها لا تستطيع بمقتضى إرادتها العليا أن تضع قانوناً ملزماً أو تقرر أمراً يخرج عن نطاق ما رسمه الشارع).
وقال د. صبحي عبده سعيد في شرعية السلطة والنظام في حكم الإسلام ص 69: (لا محل ولا مجال في ظل الإسلام ونظام الحكم فيه، أن تثار مسألة السيادة لمن تكون في المجتمع؛ لأن هذه السيادة تنعقد لله وحده ولا يجترئ إنسان أن ينازعه هذا الاختصاص).
وقال الأستاذ محمد أسد في نظام الحكم في الإسلام ص 81: (أما الدولة الإسلامية ولو قامت كنتيجة لإرادة الشعب فظلت خاضعة لإشرافه؛ فإنما تستمد سيادتها من قبل الله، فإذا سادت وفق الشروط الشرعية فلها على رعاياها حق الطاعة والولاء).
وعدد غفير من الباحثين غيرهم[6].
الاتجاه الثاني:
أن السيادة أو مصدر السلطات هو للأمة، ومن أقوالهم هنا:
قال د. محمد ضياء الدين الريس في الإسلام والخلافة في العصر الحديث ص 211: (فهي التي تقوم على الشورى في مبدئها في سيرها وقانونها، شرع الإسلام والحاكم ليس إلا منفذاً للشريعة، والأمة هي صاحبة السيادة ومصدر السلطات).
وقال د. قحطان الدوري في الشورى بين النظرية والتطبيق ص 102: (الأمة هي صاحبة السلطة العليا في البلاد، فهي الموجب الأول في العقد للإمام ولأعضاء مجلس الشورى، وهؤلاء هم الذي يمثلونها وينطقون باسمها، وهم الذين يسنون القوانين على ضوء ما جاءت به الشريعة، ويسوسون الناس بما يرضي الله ورسوله، والأمة مشرفة عليهم ومراقبة لأعمالهم تعدّل الزيغ وتقوّم المعوج).
وقال الشيخ محمد بخيت المطيعي في حقيقة الإسلام وأصول الحكم ص 24: (ومن هنا تعلم أن المسلمين بعد وفاته # ومبايعتهم أبا بكر على الوجه الذي حصل؛ كانوا أول من سنّ أن الأمة مصدر جميع السلطات، وأنها هي التي تختار من يحكمها بدين الإسلام، وشريعة الإسلام هي القانون الإلهي الذي وضع ذلك وجعله متبعاً في كل إمام وخليفة).
وغيرهم[7].
أما الاتجاه الثالث فهو محاولة للتوفيق بين الرأيين والجمع بين الاتجاهين، فجعل هناك سيادة لله وسيادة للأمة في الوقت نفسه[8].
حقيقة الخلاف بين هذه الاتجاهات:
لن تجد عناءً حين تفحص هذه الاتجاهات لتصل إلى نتيجة ترى أنها متفقة في المضمون وإن اختلفت في الصياغة، فليس ثم خلاف حقيقي بين هذه الاتجاهات، فهي تتفق جميعاً على أن للأمة سلطة في اختيار الحكومة التي تتولى أمرها، ولها سلطة على مراقبتها ومحاسبتها وخلعها، وليس لأحد أن يفرض على الأمة ما لا تريد، غير أن هذه السلطة والسيادة مقيدة بحدود الشريعة الإسلامية، فلا تستطيع أن تخالفها، ولا مشروعية لهذه المخالفة، فهذه السيادة محكومة قانوناً بسيادة وسلطة أعلى منها.
فهذه صورة المسألة عند الاتجاهات الثلاثة جميعاً، فمن قال السيادة لله قصد أن التشريع والطاعة المطلقة لله، وأما الأمة فلها السلطان والحكم فيما لا يعارض الشريعة. ومن قال إن السيادة للأمة فيعني أن لها الاختيار فيما لا يتعارض مع الشريعة، فالمضمون متفق عليه والخلاف بينهما في تحديد مصطلح السيادة على أي شيء يكون؟ فهو خلاف في تنزيل مصطلح السيادة لا غير.
فقد (تناول الفكر الإسلامي المعاصر هذه المسألة فظهرت ثلاث نظريات، الأولى وترى أن السيادة للتشريع الإلهي، والثانية ترى أن السيادة للأمة، والثالثة أطلق عليها نظرية ازدواج السلطة تقودنا جميعاً إلى سيادة للأمة الإسلامية مقيدة لصالح سيادة أسمى وأعلى منها مرتبة وهي سيادة التشريع المنزل من عند الله)[9].
وقد نبه إلى كون الخلاف لفظياً عدد من الباحثين[10].
وما دام أن الخلاف اصطلاحي، فهو مما يتوسع فيه، لهذا فـ (إذا أراد علماؤنا أن يصطلحوا على مفهوم جديد للسيادة لا يعرف الإطلاق ولا الأصالة ولا التفرد... إلخ ما عرف من السيادة في الفكر الغربي، فلا مشاحة في الاصطلاح، ويقال سيادة مقيدة بأحكام الشرع أو سيادة محكومة بضوابط الشريعة)[11].
فما دام أن ثم اتفاقاً على المضمون، فإن من يقرر بأن السيادة للشريعة لا يعارض - في واقع الأمر - من يقول بأن السيادة للأمة، فهو يقول: (إذا كان لا بد من نسبة السيادة إلى جماعة أو هيئة من البشر فلا بد من التأكيد على أنها سيادة نسبية محدودة بحدود الشريعة الإلهية)[12].
السيادة للشرع والسلطان للأمة:
وهذه صياغة معاصرة تجمع الاتجاهات جميعاً، فهي عبارة محكمة توضح أن السلطة والحكم بيد الأمة، لكنها مقيدة بالسيادة والتشريع الإلهي فلا تتعداه، فحق الأمة في السلطة لا في السيادة؛ لأنها محكومة، لهذا تجد الحديث عن الحكم والاختيار والسلطة والشورى والبيعة والنظام والحرية والرضا، يقرن عند المؤلفين المعاصرين بأنه تحت شرع الله.
(فلا تعتبر البيعة شرعاً إلا برضا المسلمين ومشورتهم واتفاق غالبيتهم؛ لأنها ابتداءً حق من حقوق الأمة الإسلامية ترك الشرع لها اختيار من تريد أن يحكمها بالشرع)[13].
(ليس من شك في أن الأمة هي المكلفة برعاية ذلك وتنفيذه، ولهذا يجب أن يكون سلطانها مطلقاً وسيادتها على بنيها عامة غير مقيدة ولا محدودة إلا بما قيدها الله به وحدده لها)[14].
(السلطة في النظام الإسلامي تخضع لقانون هو شريعة عامة لا يملك الحكام مخالفتها ولا تملك الأمة ذاتها تعديلها أو تبديلها، وبذلك كانت الدولة الإسلامية التي أقيمت في القرن السابع الميلادي أول دولة قانونية دستورية بالمعنى الصحيح)[15].
(وإنما السلطة للأمة تعطيها لجماعة بقيود، فليست سلطة مطلقة، وإنما مقيدة بقيود مهمة شرعية ورقابية وتأهيلية)[16].
(لا يستطيع الشعب تبديل وتعديل هذه القواعد؛ لأنها ليست من صنعه، وإن كان قد ارتضى الخضوع لها والإيمان بها)[17].
فالأحكام الشرعية قيود قانونية لسلطة الأمة لا تملك الخروج عنها ولا تجاوزها؛ لأن سلطتها مقيدة بسلطة شرعية أعلى منها.
حقيقة سيادة الأمة:
فحقيقة سيادة الأمة التي تتفق عليها الاتجاهات جميعاً، أنها سيادة تنفيذ للشرع، وليست سيادة تعلو عليها أو تنافسها أو تتخذ بديلة عنها:
(أساس حق الأمة في الاختيار يكمن في كونها هي المخاطبة أصلاً بتنفيذ الشرع، ولتعذر قيامها بهذا الواجب بصورتها الجماعية فإنها تنيب من يقوم بهذا التنفيذ نيابة عنها وتحت إشرافها ليقوم بتنفيذ ما هي مكلفة به شرعاً)[18].
(هذه المسؤولية الضخمة الملقاة على عاتق الجماعة تقتضي أن يكون السلطان من حق الجماعة نفسها لتستعين به على تنفيذ ما هي مسؤولة عنه، وهو تنفيذ أحكام الشرع وإدارة شؤونها وفق هذه الأحكام)[19].
(رضاها أساس في صحة الولاية العامة، فمصدر سلطة الحاكم الأعلى في الدولة مستمدة من الشورى السياسية هذه أو الانتخاب الحر، ونعني بالسلطة هنا سلطة تنفيذ شرع الله فيهم بما يستلزم ذلك من الاجتهاد التشريعي فيما لا نص فيه بالتفريع على مبادئه والمصالح الجدية الحقيقية المعتبرة)[20].
ومن يملك سيادة التنفيذ يملك التفويض، فالسلطة عقد تفوض الأمة فيه من يحكمها بالشرع، فـ: (اختيار الخليفة من هذا الوجه يؤكد أن الخلافة ليست إلا عقد نيابة يتم بين الجماعة والخليفة، فتوكل الجماعة إلى الخليفة أن يقوم فيها بأمر الله وأن يدير شؤونها في حدود ما أنزل الله، ويقبل الخليفة أن يقوم بالأمر في الجماعة طبقاً لما أمر الله)[21].
فهي المخاطبة بالشريعة: (إن أساس حق الأمة في انتخاب الخليفة لأنها هي المخاطبة في القرآن لتنفيذ أحكام الشرع وإقامة المجتمع السليم ونشر الإسلام في الآفاق، فالأمة إذاً مطالبة باختيار الحاكم من تحديد مسؤوليتها عن تنفيذ أحكام الإسلام، وهذه السلطة أوكلها إليها الشارع ثم كلفها أن تختار خليفة عنها ليقوم عنها بمباشرة السلطة في تنفيذ ما هي مكلفة به)[22].
(إذا كان الله سبحانه وتعالى هو أساس السلطة ومنبعها، فإن السلطة لا تستبد بأمرها طبقة مخصوصة، بل هي بأيدي عامة المسلمين، وهم الذين يتولون أمرها والقيام بشؤونها وفق ما تقتضيه أحكام الشريعة الإسلامية، فالإسلام يتيح حاكمية شعبية مقيدة تعمل في حدود السيادة الإلهية ونطاقها)[23].
(الحاكم نائب عن الأمة في تنفيذ حكم الله سبحانه وتعالى الذي اختارته وهي التي تملك عزله، وهي التي وكل إليها تقويمه إذا حاد وتسديده إذا أخطأ)[24].
(البيعة عقد، ثم إن هذا العقد وكالة، فالوكيل فيه هو الإمام؛ لأن الناس يفوضون إليه وظيفة رعاية شؤونهم والنظر فيها بما يحقق مصالحهم على وفق ما جاء به الشرع)[25].
وهذا يعني أن سيادة الأمة سيادة مقيّدة:
(نادى القرآن بالحكم المقيد بأمر الله والمحكوم المنظوم بالشرعة الاجتماعية والأخلاقية، وأناط الرقابة على كل منهما لسلطة الأمة الشورية)[26].
(والحاكمية ليست مقيدة لسلطة الدولة فقط، بل لسلطة الأغلبية في النظام الديمقراطي)[27].
(لأن الحاكم والمحكومين فيها مقيدون بفكرة معينة وبمجموعة من القيم الخلقية والتشريعية التي تكوّن إطاراً قانونياً ملزماً للجماعة بأسرها، ما جعلهم يطلقون عليها المبادئ فوق الدستورية)[28].
(أما عن حدود سيادة الدولة أو سيادة مجموع الأفراد المكونين للدولة الإسلامية، فهي الحدود التي فرضتها الشريعة الإسلامية، وللأمة أن تضع أنظمتها وقوانينها في حدود هذه السيادة)[29].
(السلطة في الدولة الإسلامية إن كانت تستمد مشروعيتها وأساس وجودها من رضا الشعب واختياره وتوكيله إياها بالسهر على شؤونه، إلا أنها مقيدة بأن تحكم بما أنزل الله)[30].
(سياسة الدولة الإسلامية سياسة مقيدة بحكم الشريعة الإسلامية، ذلك التقييد الذي لا يؤدي إلى تعطيل نص أو الخروج عليه أو مجافاة قاعدة من القواعد الإسلامية)[31].
(وأما حدود سيادة الأمة أو سيادة مجموع الأفراد المكونين للدولة الإسلامية، فهي القيود والحدود التي فرضتها الشريعة الإسلامية على ممارسة هذه السيادة، وليس للأمة مجتمعة أو متفرقة، متفقة مع رئيس الدولة أو مختلفة معه، ممثلة في هيئة تأسيسية أو غير ممثلة؛ أن تتصرف فيما جعله الله حقاً للأفراد أو واجباً على الأفراد أو الجماعات.. وللأمة الإسلامية أن تكيف نظمها وتضع القوانين والدساتير في حدود هذه السيادة)[32].
(جعل سبحانه وتعالى الأمة الإسلامية صاحبة السلطان في شؤونها ما دامت تستعمل ذلك السلطان في حدود الكتاب والسنة)[33].
وإذا كانت سيادة مقيدة، فإن مخالفة الشريعة تفقد السيادة شرعيتها، فلا يكون لها اعتبار:
(وبذلك تكون سيادة الأمة مقيدة بهذا التشريع الإلهي، فإذا تجاوزته فقدت مشروعيتها، وفي التحليل النهائي فإننا نجد أنفسنا أمام سيادة للأمة الإسلامية مقيدة لصالح سيادة أسمى وأعلى منها مرتبة، وهي سيادة التشريع المنزل من عند الله)[34].
(يعتبر الالتزام بتحقيق ذلك الهدف في الدولة الإسلامية هو الحد الأدنى اللازم لوجوب طاعة القائم على السلطة)[35].
(فلا تستطيع السلطة الحاكمة تجاوز الحدود المقررة في كتاب الله وسنة رسول الله #، ولا يستطيع الأفراد أن يتواطؤوا أو يمالئوا حاكماً على إهدار أحكام الشريعة)[36].
(البيعة المرادة بالشرع انتخاب حقيقي يعبر فيه الناس عن اختيارهم شخص الخليفة الذي سيتولى أمورهم، وطبيعي أن يلتزم المبايعون بالطاعة ما التزم الخليفة بأحكام الدين وتقيد بها)[37].
(لا شرعية لتصرف يخالف كتاب الله أو سنته ولا ينسجم معهما)[38].
(لقد أدرك الصحابة رضي الله عنهم هذا الأصل، وهو مبدأ مشروعية ما يصدر عن الإمام من أوامر، وأنه لا بد لها أن تكون مشروعة غير مصادمة للكتاب والسنة، وإلا فقدت قيمتها ووجب رفضها وعدم تنفيذها)[39].
السيادة بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي:
لقد كان الفكر السياسي المعاصر واعياً بالفرق الجذري بين مفهوم السيادة في الفكر الغربي ومفهومها في الفكر الإسلامي، فالقائلون بأن السيادة لله أو السيادة للأمة أو السيادة مزدوجة كانوا واعين بأن هذه السيادة – أياً كانت - تختلف جذرياً عن السيادة في الفكر الغربي؛ لأنها سيادة مقيدة ليست مطلقة، وسيادة تستمد شرعيتها من الشريعة وليست سامية ومستقلة عنها، لهذا عقدوا المقارنة بين مفهوم السيادة في الفكر الغربي ومفهومها في الفكر الإسلامي، فأظهروا الفروق الجذرية التي تكشف اختلاف السيادة في المنظومتين:
1- مصدر السيادة (فمصدر السيادة في العقيدة هو الله.. وفي النظريات الغربية فمردها إلى الإرادة العامة للأمة)[40].
(الديمقراطية تصدر عن فكرة أن الشعب سيد نفسه ليحكم نفسه بالمنهج الذي يراه مناسباً، وهذا مغاير للإسلام رأساً؛ لأنه قائم على التسليم لله وحده بسلطة التشريع)[41].
(السيادة في الديمقراطية الغربية تعني أن إرادة الشعب هي العليا، وأنها في أمور السياسة والحكم والتشريع تبرم ما تشاء وتنتقض ما تشاء، لا يحدها في ذلك حد.. أما السيادة في الفكر السياسي الإسلامي فإنها محدودة من جانب واحد ومطلقة من الجانب الآخر، ففي الجانب الأول يحدها القرآن والسنة اللذان يعتبران من القواعد فوق الدستورية التي تلتزم السلطة التأسيسية باحترامها حين تضع الدستور)[42].
في (حين أن الحكام في الديمقراطية الغربية بإمكانهم أن يفعلوا باسم الأمة ما يشاؤون؛ لأن إرادة الأمة لا تعلوها إرادة)[43].
2- أن سلطة الأمة السياسية في الفكر الإسلامي تعمل في إطار الأحكام الإسلامية ولا اعتبار لها فيما خالف ذلك: (فالمبدأ الإسلامي يعمل في إطار الأحكام الإسلامية التي وردت بها النصوص الصحيحة الصريحة وما أجمعت عليه الأمة بحيث لا تتعارض مع ما يمكن أن يطلق عليه النظام العام للإسلام، ولو تعارض فهو مجرد رأي مبدد الأثر جملة وتفصيلاً)[44].
(ومن ثم، فاجتهاد المسلمين إنما هو داخل هذه المقاييس، ولكن الديمقراطية تترك للبشر حرية وضع هذه المقاييس)[45].
بخلاف سلطة الأمة في الفكر الغربي، فإنها سلطة مطلقة لا يحدها شيء من خارجها: (فإذا كانت سلطة الأمة لا تملك الخروج عن هذه النصوص ولا التعديل أو التبديل فيها ولا الزيادة أو النقصان منها ولا نسخها؛ فإنها بذلك تختلف اختلافاً جوهرياً عن سلطة الأمة في الديمقراطيات الغربية، فسلطة الأمة في هذه الديمقراطيات مطلقة، فالقرارات التي يصدرها المجلس الممثل لها تصبح قانوناً واجب النفاذ وتجب له الطاعة حتى إن جاءت مخالفة للقانون الأخلاقي أو متعارضة مع المصالح الإنسانية العليا)[46].
(منطلق الأساس الفكري لمصطلح الديمقراطية يعطي أفراد المجتمع السياسي سلطات شبه مطلقة في رسم مناهج حياة الشعب في مدلولها الاجتماعي بالصورة التي يرضونها وعلى الطريقة التي يرونها دون حدود أو قيود إلا حدود الدستور، وحتى هذا الأخير يكون قابلاً للتغيير والتعديل.. أما في ظل الأساس الشرعي لمصطلح الشورى، فإن الجماعة السياسية تكون مقيدة في ثبوتها وفي دلالتها بالكتاب والسنة بما يتلاءم مع متغيرات الزمان والمكان)[47].
وأقوال كثيرة عند المعاصرين تقرر هذا المعنى[48].
3- صلاحية التشريع في النظم السياسية المعاصرة تتسع لكل شيء لا يعارض الدستور، بل لها تعديل الدستور نفسه: (في الزمن المعاصر فإن السلطة التشريعية بإمكانها أن تشرع ما تشاء من الأحكام فيما لا يتعارض مع الدستور، بل هي تملك عادة هذا التعديل في مواد الدستور طبقاً لإجراءات معينة، ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر أن الهيئة التأسيسية في الأمة لها الحق في أن تضمّن الدستور ما تشاء من الأحكام، ومعنى هذا أن الدستور ذاته عرضة للتعديل جزئياً أثناء الحياة النيابية وكلياً عندما ترغب الأمة في إيقاف العمل بالدستور ليحل محله دستور جديد.
وفي المقابل فإن القرآن الكريم دستور الأمة الإسلامية إذا صح التعبير، وكذلك السنة النبوية الصحيحة؛ كلاهما ثابت لا تغيير فيهما ولا تبديل)[49].
(ولكنه ليس كالنظام الديمقراطي الحديث في أن الشعب يملك التشريع وتعديل النظام كيف يشاء)[50].
(أما سلطة البرلمان فهي مشرعة الأبواب، فمن حقها التشريع المطلق في كافة المجالات، وكل نظام فهو قابل للتغيير والتبديل)[51].
(أما سلطات المجلس النيابي في الديمقراطية المعاصرة فمطلقة، وإذا كان الدستور يقيدها، فإن الدستور نفسه قابل للتغيير، ولذلك يقال إن الأمة مصدر السلطات في الديمقراطية المعاصرة على الإطلاق، ولكن في الدولة الإسلامية فمصدر السلطات الكتاب والسنة النبوية، أي أن مصدر السلطة هو الشريعة الإسلامية، وإذا قلنا إن الأمة الإسلامية مصدر السلطات فنضيف إلى ذلك أنها مقيدة بنصوص الشريعة)[52]. وأقوال أخرى كثيرة[53].
4- أن الدولة في الفكر الغربي تنشأ أولاً ثم تضع ما تشاء من القوانين، وأما في الفكر الإسلامي فهي إنما نشأت طبقاً لمبادئ القانون الإسلامي، (فالدولة تنشأ أولاً ثم يدور البحث في تكييف ما يلائمها، أما الدولة في الإسلام فإنها نشأت طبقاً لمبادئ القانون الإسلامي)[54].
(المفهوم الإسلامي يخالف الديمقراطية في أساس وجودها، فالتشريع في الإسلام سابق على الأمة وعلى الدولة، وهو يحكمها بتشريعه الإلهي ولا تحكمه هي بتشريعها الوضعي)[55].
لهذا فسيادة الأمة في الفكر الغربي قائمة على تهميش الدين، بخلاف السيادة في الإسلام:
(تقوم الديمقراطية أساساً على مبدأ فصل الدين عن المجتمع، وولادتها جاءت بعد مفارقة الدين)[56].
(كما أن هذه الديمقراطية تسعى لحكم الدنيا بقوانين وضعية على خلاف شرع الله، بمعنى أنها تسعى لتعديل حكم الله، أما نظام الحكم في الدولة الإسلامية فيسعى لحفظ الدين ونشره وحمايته وحكم الدنيا به)[57].
فـ (معيار الصواب في ظل هذه الشرعية يتمثل في مدى تعبير المشرع عن إرادة الأمة ومدى تلبيته لأهوائها ورغائبها ومدى خضوعه لقاعدة دستورية القوانين)[58].
الخلاصة:
هذه الاتجاهات والمواقف ترسم لنا معالم رؤية واضحة في فهم وإدراك (السيادة)، وأن عامة المؤلفين في الفكر السياسي الإسلامي كانوا يسيرون على جادة بيّنة ومتماسكة في التمييز بين السيادة في الفكر الغربي والفكر الإسلامي، غير أن ضغط المفاهيم الغربية قد شتت الرؤية عند بعض الإسلاميين، وأربك خطواتهم، فأصبحت تسير في طرق متناقضة، تسير على جادة الفكر الإسلامي حيناً، وتأخذ من الفكر العَلماني شيئاً آخر، وهي قصة سنرسم ملامحها ونحكي تفاصيلها في المقالة القادمة بإذن الله.
:: مجلة البيان العدد 303 ذو القعدة 1433هـ،سبتمبر 2012م.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر: تاريخ الفكر السياسي لجان توشار 232 و236، تطور الفكر السياسي لجورج سباين 3/556، وتاريخ الفكر السياسي لجان جاك شوفالييه 1/289.
[2] انظر: تطور الفكر السياسي لجورج سباين 3/549، مبادئ نظام الحكم في الإسلام لعبد الحميد متولي 171-172، والدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم 122-123.
[3] انظر: مبادئ نظام الحكم في الإسلام لعبد الحميد متولي 171 وما بعدها، أصول نظام الحكم في الإسلام لفؤاد عبد المنعم 115، والدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم.
[4] الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم 288.
[5] فقه الشورى والاستشارة لتوفيق الشاوي 574.
[6] انظر مثلاً:
أبو الأعلى المودودي، الخلافة والملك، 19 و34 و37؛ أحمد محمد أمين، الدولة الإسلامية والمبادئ الدستورية الحديثة، ص 32؛ وهبة الزحيلي، نظام الإسلام، 188؛ محمد العربي، دولة الرسول في المدينة، 365؛ صلاح الصاوي، نظرية السيادة، 68؛ عبد الكريم عثمان، النظام السياسي في الإسلام، 118-119؛ أبو المعاطي أبو الفتوح، حتمية الحل الإسلامي، 65-66؛ ضوء مفتاح غمق، السلطة التشريعية في نظام الحكم الإسلامي والنظم المعاصرة، 33؛ رائف النعيم، الشورى، 24؛ يعقوب المليجي، مبدأ الشورى، 183-184؛ محمد مفتي وسامي الوكيل، السيادة وثبات الأحكام، 32؛ إبراهيم محمد زين، السلطة في فكر المسلمين، 31؛ محمد فاروق النبهان، نظام الحكم في الإسلام، 166؛ يحيى السيد الصباحي، النظام الرئاسي الأمريكي والخلافة الإسلامية، 534؛ أحمد الحصري، الدولة وسياسة الحكم، 126؛ منظور الدين أحمد، النظريات السياسية الإسلامية في العصر الحديث، 51؛ سميح عاطف الزين، لمن الحكم؟ 164؛ إسماعيل الكيلاني، لماذا يزيفون التاريخ ويعبثون بحقائقه؟ 272؛ هشام أحمد عوض جعفر، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية، 127؛ صالح حسن سميع، أزمة الحرية السياسية في الوطن العربي، 189؛ علي محمد حسنين، رقابة الأمة على الحكام، 48-49؛ جمال الدين عطية، مجلة المسلم المعاصر؛ عارف أبو عيد، السيادة في الإسلام، 168؛ د. علي يوسف الشكري، النظام الدستوري في الشريعة الإسلامية، ص 31؛ عبد الحميد الأنصاري, الشورى وأثرها في الديمقراطية، ص 427؛ محمد رأفت عثمان، رياسة الدولة في الفقه الإسلامي، 387؛ محمد سلام مدكور، معالم الدولة الإسلامية، ص 95؛ توفيق الشاوي، فقه الشورى والاستشارة، 574.
[7] انظر: محمد كامل ليلة، النظم السياسية 205، سعد محمد خليل، تولية رئيس الدولة في الفكر السياسي الإسلامي والفكر السياسي الحديث 24، محمد عمارة، الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية 176، عبد الغني بسيوني، النظم السياسية 58-59، محمود حلمي، نظام الحكم الإسلامي مقارناً بنظم الحكم المعاصرة 40، عبد الكريم زيدان، الفرد والدولة في الإسلام 28، محمد يوسف موسى، نظام الحكم ص 77، ومحمد معروف الدواليبي، الدولة والسلطة في الإسلام ص 43.
[8] انظر: النظريات السياسية الإسلامية لمحمد ضياء الدين الريس؛ نظام الحكم في عهد الخلفاء الراشدين لمحمد حمد الصمد 234.
[9] البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي في الفكر السياسي الحديث لأحمد فؤاد عبد الجواد 347.
[10] انظر: السيادة في الإسلام لعارف أبو عيد 168، الخلافة الإسلامية بين نظم الحكم المعاصرة لجمال المراكبي 417، مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي والأنظمة القانونية المعاصرة لعبد الجليل محمد علي 224، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية لهشام أحمد عوض جعفر134، وأسس العلوم السياسية في ضوء العلوم الشرعية لتوفيق الرصاص 37.
[11] نظرية السيادة لصلاح الصاوي 67.
[12] سيادة الشريعة الإسلامية في مصر لتوفيق الشاوي 84.
[13] البيعة في الفكر السياسي الإسلامي لمحمود الخالدي 109.
[14] مناهج الحكم والقيادة في الإسلام لأنور الجندي 27.
[15] الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم 313.
[16] الدولة الإسلامية بين التراث والمعاصرة لتوفيق الواعي 61-62.
[17] تأصيل وتنظيم السلطة في التشريعات الوضعية والشريعة الإسلامية لعدي زيد الكيلاني 145.
[18] الدولة القانونية والنظام السياسي الإسلامي لمنير البياتي 463.
[19] الفرد والدولة في الإسلام لعبد الكريم زيدان 26.
[20] خصائص التشريع الإسلامي لفتحي الدريني 428.
[21] الإسلام وأوضاعنا السياسية لعبد القادر عودة 99.
[22] نظام الحكم في الإسلام لمنصور الرفاعي عبيد 69.
[23] النظام الدستوري في الإسلام لمصطفى كمال وصفي 70.
[24] الشورى في ظل نظام حكم إسلامي لعبد الرحمن عبد الخالق 82-83.
[25] اهل الحل والعقد في نظام الحكم الإسلامي لعبد الله الطريقي 378.
[26] دستور الحكم والسلطة في القرآن والشرائع لرفيق شنبور 21.
[27] الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية لهشام جعفر 204.
[28] إرادة الأمة في الفكر السياسي الإسلامي لفضل الله محمد سلطح 120.
[29] أسس العلوم السياسية في ضوء الشريعة الإسلامية لتوفيق الرصاص 37.
[30] أهداف ومجالات السلطة في الدولة الإسلامية لفوزي طايل 299.
[31] معالم النظام السياسي في الإسلام لمحمد الشحات الجندي 150.
[32] نظام الحكم الإسلامي مقارناً بالنظم المعاصرة لمحمود حلمي 40.
[33] الدين والدولة في الإسلام للسنهوري 94 بواسطة كتاب الإسلام والسياسة لمحمد عمارة.
[34] مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي والأنظمة القانونية المعاصرة لعبد الجليل محمد علي 224.
[35] شرعية السلطة في الإسلام لعادل فتحي ثابت 294.
[36] من أصول الفكر السياسي الإسلامي لمحمد فتحي عثمان 419.
[37] قاعدة الشورى في مجتمع معاصر لأحمد أبو شنب 74.
[38] الحقوق والحريات في الشريعة الإسلامية لرحيل غرايبة 442.
[39] الحرية أو الطوفان لحاكم المطيري 67.
[40] نظرية السيادة لصلاح الصاوي 74.
[41] القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام لعبد الله الكيلاني 79.
[42] الشورى والديمقراطية لعلي لاغا 129.
[43] نظام الحكم في عهد الخلفاء الراشدين لحمد محمد الصمد 234.
[44] الدولة الإسلامية وسلطتها التشريعية لحسن صبحي 241.
[45] الحكومة والدولة في الإسلام لأحمد شلبي 56.
[46] الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي لفتحي عبد الكريم 319.
[47] مبدأ الشورى قواعده وضماناته لنزار عتيق 92.
[48] انظر: الخلافة الإسلامية بين نظم الحكم المعاصرة لجمال المراكبي 417، نظام الحكم في الإسلام بين النظريات والتطبيق لأحمد عبد الله مفتاح 432، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية لهشام جعفر 131، المشاركة في الحياة السياسية في ظل أنظمة الحكم المعاصر لمشير المصري 85، مبدأ الشورى قواعده وضماناته لنزار عتيق 92، والمشاركة في الحياة السياسية في ظل أنظمة الحكم المعاصر لمشير المصري 85.
[49] الدولة الإسلامية وسلطتها التشريعية لحسن صبحي 296.
[50] النظام الدستوري في الإسلام لمصطفى كمال وصفي 14.
[51] أهل الحل والعقد صفاتهم ووظائفهم لعبد الله الطريقي 159-160.
[52] نظرية الخلافة في العصر الحديث لإسماعيل محمد عيسى شاهين (رسالة دكتوراه) ص 260.
[53] انظر: النظم الإسلامية والمذاهب المعاصرة لحسن عويضة 227-228، القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام لعبد الله الكيلاني 76-77، في فقه السياسة لإسماعيل الخطيب 139، والخلافة والخلفاء الراشدون لسالم البهنساوي 63.
[54] معالم الدولة الإسلامية لمحمد سلام مدكور 121.
[55] القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام لعبد الله الكيلاني 76.
[56] في فقه السياسة لإسماعيل الخطيب 139.
[57] الدولة ونظام الحكم في الإسلام لحسن السيد بسيوني 102.
[58] نظرية السيادة لصلاح الصاوي 79.
فهد بن صالح العجلان
مصطلحات سياسية ومعانيها
هذه مجموعة من " المصطلحات السياسية " التي تتردد كثيرًا في وسائل الإعلام أو
المقالات والمواضيع السياسية أحببتُ نشرها للفائدة . وقد انتقيتها وهذبتها من
كتاب " المصطلحات السياسية الشائعة " للأستاذ فهد بن عبدالله الربيعة . ومن
أراد التوسع فليرجع إلى :
" موسوعة السياسة " التي يُشرف عليها الدكتور عبدالوهاب الكيالي ، و " القاموس السياسي " لأحمد عطية .
أرستقراطية :
تعني باللغة اليونانية سُلطة خواص الناس، وسياسياً تعني طبقة اجتماعية ذات منـزلة عليا تتميز بكونها موضع اعتبار المجتمع ، وتتكون من الأعيان الذين وصلوا إلى مراتبهم ودورهم في المجتمع عن طريق الوراثة ،واستقرت هذه المراتب على أدوار الطبقات الاجتماعية الأخرى، وكانت طبقة الارستقراطية تتمثل في الأشراف الذين كانوا ضد الملكية في القرون الوسطى ،وعندما ثبتت سلطة الملوك بإقامة الدولة الحديثة تقلصت صلاحية هذه الطبقة السياسية واحتفظت بالامتيازات المنفعية، وتتعارض الارستقراطية مع الديمقراطية.
أنثروبولوجيا :
تعني باللغة اليونانية علم الإنسان ، وتدرس الأنثروبولوجيا نشأة الإنسان وتطوره وتميزه عن المجموعات الحيوانية ،كما أنها تقسم الجماعات الإنسانية إلى سلالات وفق أسس بيولوجية، وتدرس ثقافته ونشاطه.
أيديولوجية:
هي ناتج عملية تكوين نسق فكري عام يفسر الطبيعة والمجتمع والفرد، ويحدد موقف فكري معين يربط الأفكار في مختلف الميادين الفكرية والسياسية والأخلاقية والفلسفية.
أوتوقراطية :
مصطلح يطلق على الحكومة التي يرأسها شخص واحد، أو جماعة، أو حزب، لا يتقيد بدستور أو قانون، ويتمثل هذا الحكم في الاستبداد في إطلاق سلطات الفرد أو الحزب، وتوجد الأوتوقراطية في الأحزاب الفاشية أو الشبيهة بها، وتعني الكلمة باللاتينية الحكم الإلهي، أي أن وصول الشخص للحكم تم بموافقة إلهية، والاوتوقراطي هو الذي يحكم حكمًا مطلقًا ويقرر السياسة دون أية مساهمة من الجماعة، وتختلف الاوتوقراطية عن الديكتاتورية من حيث أن السلطة في الأوتوقراطية تخضع لولاء الرعية، بينما في الدكتاتورية فإن المحكومين يخضعون للسلطة بدافع الخوف وحده.
براغماتية (ذرائعية) :
براغماتية اسم مشتق من اللفظ اليوناني " براغما " ومعناه العمل، وهي مذهب فلسفي – سياسي يعتبر نجاح العمل المعيار الوحيد للحقيقة؛ فالسياسي البراغماتي يدعّي دائماً بأنه يتصرف ويعمل من خلال النظر إلى النتائج العملية المثمرة التي قد يؤدي إليها قراره، وهو لا يتخذ قراره بوحي من فكرة مسبقة أو أيديولوجية سياسية محددة ، وإنما من خلال النتيجة المتوقعة لعمل . والبراغماتيون لا يعترفون بوجود أنظمة ديمقراطية مثالية إلا أنهم في الواقع ينادون بأيديولوجية مثالية مستترة قائمة على الحرية المطلقة ، ومعاداة كل النظريات الشمولية وأولها الماركسية.
بروسترايكا :
هي عملية إعادة البناء في الاتحاد السوفيتي التي تولاها ميخائيل جورباتشوف وتشمل جميع النواحي في الاتحاد السوفيتي ، وقد سخر الحزب الشيوعي الحاكم لتحقيقها ، وهي تفكير وسياسة جديدة للاتحاد السوفيتي ونظرته للعالم ، وقد أدت تلك السياسة إلى اتخاذ مواقف غير متشددة تجاه بعض القضايا الدولية ، كما أنها اتسمت بالليونة والتخلي عن السياسات المتشددة للحزب الشيوعي السوفيتي .
بروليتاريا :
مصطلح سياسي يُطلق على طبقة العمال الأجراء الذين يشتغلون في الإنتاج الصناعي ومصدر دخلهم هو بيع ما يملكون من قوة العمل، وبهذا فهم يبيعون أنفسهم كأي سلعة تجارية.
وهذه الطبقة تعاني من الفقر نتيجة الاستغلال الرأسمالي لها، ولأنها هي التي تتأثر من غيرها بحالات الكساد والأزمات الدورية، وتتحمل هذه الطبقة جميع أعباء المجتمع دون التمتع بمميزات متكافئة لجهودها. وحسب المفهوم الماركسي فإن هذه الطبقة تجد نفسها مضطرة لتوحيد مواقفها ليصبح لها دور أكبر في المجتمع.
بورجوازية :
تعبير فرنسي الأصل كان يُطلق في المدن الكبيرة في العصور الوسطى على طبقة التجار وأصحاب الأعمال الذين كانوا يشغلون مركزاً وسطاً بين طبقة النبلاء من جهة والعمال من جهة أخرى، ومع انهيار المجتمع الإقطاعي قامت البورجوازية باستلام زمام الأمور الاقتصادية والسياسية واستفادت من نشوء العصر الصناعي ؛ حتى أصبحت تملك الثروات الزراعية والصناعية والعقارية، مما أدى إلى قيام الثورات الشعبية ضدها لاستلام السلطة عن طريق مصادرة الثروة الاقتصادية والسلطة السياسية.
والبورجوازية عند الاشتراكيين والشيوعيين تعني الطبقة الرأسمالية المستغلة في الحكومات الديمقراطية الغربية التي تملك وسائل الإنتاج.
بيروقراطية :
البيروقراطية تعني نظام الحكم القائم في دولة ما يُشرف عليها ويوجهها ويديرها طبقة من كبار الموظفين الحريصين على استمرار وبقاء نظام الحكم لارتباطه بمصالحهم الشخصية ؛ حتى يصبحوا جزءً منه ويصبح النظام جزءً منهم، ويرافق البيروقراطية جملة من قواعد السلوك ونمط معين من التدابير تتصف في الغالب بالتقيد الحرفي بالقانون والتمسك الشكلي بظواهر التشريعات، فينتج عن ذلك " الروتين " ؛ وبهذا فهي تعتبر نقيضاً للثورية، حيث تنتهي معها روح المبادرة والإبداع وتتلاشى فاعلية الاجتهاد المنتجة ، ويسير كل شيء في عجلة البيروقراطية وفق قوالب جاهزة، تفتقر إلى الحيوية. والعدو الخطير للثورات هي البيروقراطية التي قد تكون نهاية معظم الثورات، كما أن المعنى الحرفي لكلمة بيروقراطية يعني حكم المكاتب.
تعددية :
مذهب ليبرالي يرى أن المجتمع يتكون من روابط سياسية وغير سياسية متعددة، لها مصالح مشروعة متفرقة، وأن هذا التعدد يمنع تمركز الحكم ، ويساعد على تحقيق المشاركة وتوزيع المنافع.
تكنوقراطية :
مصطلح سياسي نشأ مع اتساع الثورة الصناعية والتقدم التكنولوجي، وهو يعني (حكم التكنولوجية) أو حكم العلماء والتقنيين، وقد تزايدت قوة التكنوقراطيين نظراً لازدياد أهمية العلم ودخوله جميع المجالات وخاصة الاقتصادية والعسكرية منها، كما أن لهم السلطة في قرار تخصيص صرف الموارد والتخطيط الاستراتيجي والاقتصادي في الدول التكنوقراطية، وقد بدأت حركة التكنوقراطيين عام 1932 في الولايات المتحدة الأمريكية ،حيث كانت تتكون من المهندسين والعلماء والتي نشأت نتيجة طبيعة التقدم التكنولوجي.
أما المصطلح فقد استحدث عام 1919 على يد وليام هنري سميث الذي طالب بتولي الاختصاصيين العلميين مهام الحكم في المجتمع الفاضل.
ثيوقراطية :
نظام يستند إلى أفكار دينية مسيحية ويهودية ، وتعني الحكم بموجب الحق الإلهي ! ، وقد ظهر هذا النظام في العصور الوسطى في أوروبا على هيئة الدول الدينية التي تميزت بالتعصب الديني وكبت الحريات السياسية والاجتماعية ، ونتج عن ذلك مجتمعات متخلفة مستبدة سميت بالعصور المظلمة.
دكتاتورية :
كلمة ذات أصل يوناني رافقت المجتمعات البشرية منذ تأسيسها ، تدل في معناها السياسي حالياً على سياسة تصبح فيها جميع السلطات بيد شخص واحد يمارسها حسب إرادته، دون اشتراط موافقة الشعب على القرارات التي يتخذها.
ديماغوجية :
كلمة يونانية مشتقة من كلمة (ديموس)، وتعني الشعب، و(غوجية) وتعني العمل، أما معناها السياسي فيعني مجموعة الأساليب التي يتبعها السياسيون لخداع الشعب وإغراءه ظاهرياً للوصول للسلطة وخدمة مصالحهم.
ديمقراطية :
مصطلح يوناني مؤلف من لفظين الأول (ديموس) ومعناه الشعب، والآخر (كراتوس) ومعناه سيادة، فمعنى المصطلح إذاً سيادة الشعب أو حكم الشعب . والديمقراطية نظام سياسي اجتماعي تكون فيه السيادة لجميع المواطنين ويوفر لهم المشاركة الحرة في صنع التشريعات التي تنظم الحياة العامة، والديمقراطية كنظام سياسي تقوم على حكم الشعب لنفسه مباشرة، أو بواسطة ممثلين منتخبين بحرية كاملة ( كما يُزعم ! ) ، وأما أن تكون الديمقراطية اجتماعية أي أنها أسلوب حياة يقوم على المساواة وحرية الرأي والتفكير، وأما أن تكون اقتصادية تنظم الإنتاج وتصون حقوق العمال، وتحقق العدالة الاجتماعية.
إن تشعب مقومات المعنى العام للديمقراطية وتعدد النظريات بشأنها، علاوة على تميز أنواعها وتعدد أنظمتها، والاختلاف حول غاياتها ، ومحاولة تطبيقها في مجتمعات ذات قيم وتكوينات اجتماعية وتاريخية مختلفة، يجعل مسألة تحديد نمط ديمقراطي دقيق وثابت مسألة غير واردة عملياً، إلا أن للنظام الديمقراطي ثلاثة أركان أساسية:
أ- حكم الشعب .
ب-المساواة .
ج- الحرية الفكرية .
ومعلوم استغلال الدول لهذا الشعار البراق الذي لم يجد تطبيقًا حقيقيًا له على أرض الواقع ؛ حتى في أعرق الدول ديمقراطية – كما يقال - . ومعلوم أيضًا تعارض بعض مكونات هذا الشعار البراق الذي افتُتن به البعض مع أحكام الإسلام .
راديكالية (جذرية) :
الراديكالية لغة نسبة إلى كلمة راديكال الفرنسية وتعني الجذر، واصطلاحاً تعني نهج الأحزاب والحركات السياسية الذي يتوجه إلى إحداث إصلاح شامل وعميق في بنية المجتمع، والراديكالية هي على تقاطع مع الليبرالية الإصلاحية التي يكتفي نهجها بالعمل على تحقيق بعض الإصلاحات في واقع المجتمع، والراديكالية نزعة تقدمية تنظر إلى مشاكل المجتمع ومعضلاته ومعوقاته نظرة شاملة تتناول مختلف ميادينه السياسية والدستورية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية، بقصد إحداث تغير جذري في بنيته، لنقله من واقع التخلف والجمود إلى واقع التقدم والتطور.
ومصطلح الراديكالية يطلق الآن على الجماعات المتطرفة والمتشددة في مبادئها.
رأسمالية :
الرأسمالية نظام اجتماعي اقتصادي تُطلق فيه حرية الفرد في المجتمع السياسي، للبحث وراء مصالحه الاقتصادية والمالية بهدف تحقيق أكبر ربح شخصي ممكن، وبوسائل مختلفة تتعارض في الغالب مع مصلحة الغالبية الساحقة في المجتمع... وبمعنى آخر : إن الفرد في ظل النظام الرأسمالي يتمتع بقدر وافر من الحرية في اختيار ما يراه مناسباً من الأعمال الاقتصادية الاستثمارية وبالطريقة التي يحددها من أجل تأمين رغباته وإرضاء جشعه، لهذا ارتبط النظام الرأسمالي بالحرية الاقتصادية أو ما يعرف بالنظام الاقتصادي الحر، وأحياناً يخلي الميدان نهائياً لتنافس الأفراد وتكالبهم على جمع الثروات عن طريق سوء استعمال الحرية التي أباحها النظام الرأسمالي.
رجعية :
مصطلح سياسي اجتماعي يدل على التيارات المعارضة للمفاهيم التقدمية الحديثة وذلك عن طريق التمسك بالتقاليد الموروثة، ويرتبط هذا المفهوم بالاتجاه اليميني المتعصب المعارض للتطورات الاجتماعية السياسية والاقتصادية إما من مواقع طبقية أو لتمسك موهوم بالتقاليد، وهي حركة تسعى إلى التشبث بالماضي؛ لأنه يمثل مصالح قطاعات خاصة من الشعب على حساب الصالح العام. ( وقد استورد المنافقون هذا المصطلح من الغرب وحاولوا إلصاقه بأهل الإسلام ! الداعين إلى تحكيم الكتاب والسنة ) .
شوفينية :
مصطلح سياسي من أصل فرنسي يرمز إلى التعصب القومي المتطرف، وتطور معنى المصطلح للدلالة على التعصب القومي الأعمى والعداء للأجانب، كما استخدم المصطلح لوصم الأفكار الفاشية والنازية في أوروبا، ويُنسب المصطلح إلى جندي فرنسي اسمه نيقولا شوفان حارب تحت قيادة نابليون وكان يُضرب به المثل لتعصبه لوطنه.
غيفارية :
نظرية سياسية يسارية نشأت في كوبا وانتشرت منها إلى كافة دول أمريكا اللاتينية، مؤسسها هو ارنتسوتشي غيفارا أحد أبرز قادة الثورة الكوبية، وهي نظرية أشد تماسكاً من الشيوعية، وتؤيد العنف الثوري ، وتركز على دور الفرد في مسار التاريخ، وهي تعتبر الإمبريالية الأمريكية العدو الرئيس للشعوب، وترفض الغيفارية استلام السلطة سلمياً وتركز على الكفاح المسلح وتتبنى النظريات الاشتراكية.
فاشية :
نظام فكري وأيديولوجي عنصري يقوم على تمجيد الفرد على حساب اضطهاد جماعي للشعوب، والفاشية تتمثل بسيطرة فئة دكتاتورية ضعيفة على مقدرات الأمة ككل، طريقها في ذلك العنف وسفك الدماء والحقد على حركة الشعب وحريته، والطراز الأوروبي يتمثل بنظام هتلر وفرانكو وموسيليني، وهناك عشرات التنظيمات الفاشية التي ما تزال موجودة حتى الآن ، وهي حالياً تجد صداها عند عصابات متعددة في العالم الثالث، واشتق اسم الفاشية من لفظ فاشيو الإيطالي ويعني حزمة من القضبان استخدمت رمزاً رومانياً يعني الوحدة والقوة، كما أنها تعني الجماعة التي انفصلت عن الحزب الاشتراكي الإيطالي بعد الحرب بزعامة موسيليني الذي يعتبر أول من نادى بالفاشية كمذهب سياسي.
فيدرالية :
نظام سياسي يقوم على بناء علاقات تعاون محل علاقات تبعية بين عدة دول يربطها اتحاد مركزي ؛ على أن يكون هذا الاتحاد مبنيًا على أساس الاعتراف بوجود حكومة مركزية لكل الدولة الاتحادية، وحكومات ذاتية للولايات أو المقاطعات التي تنقسم إليها الدولة، ويكون توزيع السلطات مقسماً بين الحكومات الإقليمية والحكومة المركزية.
كونفدرالية :
يُطلق على الكونفدرالية اسم الاتحاد التعاهدي أو الاستقلالي ؛ حيث تُبرم اتفاقيات بين عدة دول تهدف لتنظيم بعض الأهداف المشتركة بينها ؛ كالدفاع وتنسيق الشؤون الاقتصادية والثقافية ، وإقامة هيئة مشتركة تتولى تنسيق هذه الأهداف ، كما تحتفظ كل دولة من هذه الدول بشخصيتها القانونية وسيادتها الخارجية والداخلية ، ولكل منها رئيسها الخاص بها .
ليبرالية (تحررية) :
مذهب رأسمالي اقترن ظهوره بالثورة الصناعية وظهور الطبقة البرجوازية الوسطى في المجتمعات الأوروبية، وتمثل الليبرالية صراع الطبقة الصناعية والتجارية التي ظهرت مع الثورة الصناعية ضد القوى التقليدية الإقطاعية التي كانت تجمع بين الملكية الاستبدادية والكنيسة.
وتعني الليبرالية إنشاء حكومة برلمانية يتم فيها حق التمثيل السياسي لجميع المواطنين ، وحرية الكلمة والعبادة ، وإلغاء الامتيازات الطبقية، وحرية التجارة الخارجية ، وعدم تدخل الدولة في شؤون الاقتصاد إلا إذا كان هذا التدخل يؤمن الحد الأدنى من الحرية الاقتصادية لجميع المواطنين.
( وقد افتُتن مقلدو الغرب لدينا بهذه الفكرة الجاهلية التي تُعارض أحكام الإسلام في كثير مما نادت به ؛ وعلى رأسه : حرية الكفر والضلال والجهر به ؛ والمساواة بين ما فرق الله بينه .. الخ الانحرافات التي ليس هنا مجال ذكرها ) .
مبدأ أيزنهاور:
أعلنه الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور في الخامس من يناير عام 1957م ضمن رسالة وجهها للكونجرس في سياق خطابه السنوي الذي ركز فيه على أهمية سد الفراغ السياسي الذي نتج في المنطقة العربية بعد انسحاب بريطانيا منها، وطالب الكونجرس بتفويض الإدارة الأمريكية بتقديم مساعدات عسكرية للدول التي تحتاجها للدفاع عن أمنها ضد الأخطار الشيوعية، وهو بذلك يرمي إلى عدم المواجهة المباشرة مع السوفيت وخلق المبررات، بل إناطة مهمة مقاومة النفوذ والتسلل السوفيتي إلى المناطق الحيوية بالنسبة للأمن الغربي بالدول المعنية الصديقة للولايات المتحدة عن طريق تزويدها بأسباب القوة لمقاومة الشيوعية ، وكذلك دعم تلك الدول اقتصادياً حتى لا تؤدي الأوضاع الاقتصادية السيئة إلى تنامي الأفكار الشيوعية.
ولاقى هذا المبدأ معارضة في بعض الدول العربية بدعوى أنه سيؤدي إلى ضرب العالم العربي في النهاية، عن طريق تقسيم الدول العربية إلى فريقين متضاربين : أحدهما مؤيد للشيوعية والآخر خاضع للهيمنة الغربية.
مبدأ ترومان :
أعلنه الرئيس الأمريكي هاري ترومان في مارس 1947 م للدفاع عن اليونان وتركيا وشرق البحر الأبيض المتوسط في وجه الأطماع السوفيتية، ودعم الحكومات المعارضة للأيديولوجيات السوفيتية الواقعة في هذه المنطقة، والهدف من هذا المبدأ هو خنق القوة السوفيتية ومنعها من التسرب إلى المناطق ذات الثقل الاستراتيجي والاقتصادي البارز بالنسبة للأمن الغربي.
مبدأ كارتر :
أعلنه الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، أكد فيه تصميم الولايات المتحدة على مقاومة أي خطر يهدد الخليج ؛ بما في ذلك استخدام القوة العسكرية، وكانت جذور هذا المبدأ هي فكرة إنشاء قوات التدخل السريع للتدخل في المنطقة وحث حلفائها للمشاركة في هذه القوة، وقد أنشئت قيادة عسكرية مستقلة لهذه القوة عرفت (بالسنتكوم).
مبدأ مونرو:
وضعه الرئيس الأمريكي جيمس مونرو عام 1823 م وحمل اسمه ؛ وينص على تطبيق سياسة شبه انعزالية في الولايات المتحدة الأمريكية في علاقاتها الخارجية، وظل هذا المبدأ سائداً في محدودية الدور الأمريكي في السياسة الدولية حتى الحرب العالمية الثانية في القرن الحالي حين خرجت أمريكا إلى العالم كقوة دنيوية عظمى.
مبدأ نيكسون:
أعلنه الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في يوليو عام 1969 م ؛ وينص على أن الولايات المتحدة ستعمل على تشجيع بلدان العالم الثالث على تحمل مسؤوليات أكبر في الدفاع عن نفسها، وأن يقتصر دور أمريكا على تقديم المشورة وتزويد تلك الدول بالخبرة والمساعدة ( ! )
مبدأ ويلسون :
وضعه الرئيس الأمريكي وودر ويلسون عام 1918 م ؛ ويتألف من 14 نقطة، ويركز على مبدأ الاهتمام بصورة أكبر بمستقبل السلم والأمن في الشرق الأوسط ، وكان هذا المبدأ ينص على علنية الاتفاقيات كأساس لمشروعيتها الدولية، وهو ما كان يحمل إدانة صريحة لاتفاقية سايكس بيكو التي سبقت إعلانه بسنتين، ولمبدأ الممارسات الدبلوماسية التآمرية التي مارستها تلك الدول.
كما دعا مبدأ ويلسون ضمن بنوده إلى منح القوميات التي كانت تخضع لسلطة الدولة العثمانية كل الضمانات التي تؤكد حقها في الأمن والتقدم والاستقلال، والطلب من حلفائه الأوروبيين التخلي عن سياساتهم الاستعمارية واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها ( ! )
ولما اصطدمت مبادئه بمعارضة حلفائه الأوروبيين في المؤتمر الذي عقد بعد الحرب العالمية الأولى في باريس، أمكن التوفيق بين الموقفين بالعثور على صيغة (الانتداب الدولي) المتمثل في إدارة المناطق بواسطة عصبة الأمم وبإشراف مباشر منها، على أن توكل المهمة لبريطانيا وفرنسا نيابة عن العصبة ( !)
يسار - يمين :
اصطلاحان استخدما في البرلمان البريطاني، حيث كان يجلس المؤيدون للسلطة في اليمين ، والمعارضون في اليسار ؛ فأصبح يُطلق على المعارضين للسلطة لقب اليسار، وتطور الاصطلاحان نظراً لتطور الأوضاع السياسية في دول العالم ؛ حيث أصبح يُطلق اليمين على الداعين للمحافظة على الأوضاع القائمة، ومصطلح اليسار على المطالبين بعمل تغييرات جذرية، ومن ثم تطور مفهوم المصطلحان إلى أن شاع استخدام مصطلح اليسار للدلالة على الاتجاهات الثورية ، واليمين للدلالة على الاتجاهات المحافظة، والاتجاهات التي لها صبغة دينية.
" موسوعة السياسة " التي يُشرف عليها الدكتور عبدالوهاب الكيالي ، و " القاموس السياسي " لأحمد عطية .
أرستقراطية :
تعني باللغة اليونانية سُلطة خواص الناس، وسياسياً تعني طبقة اجتماعية ذات منـزلة عليا تتميز بكونها موضع اعتبار المجتمع ، وتتكون من الأعيان الذين وصلوا إلى مراتبهم ودورهم في المجتمع عن طريق الوراثة ،واستقرت هذه المراتب على أدوار الطبقات الاجتماعية الأخرى، وكانت طبقة الارستقراطية تتمثل في الأشراف الذين كانوا ضد الملكية في القرون الوسطى ،وعندما ثبتت سلطة الملوك بإقامة الدولة الحديثة تقلصت صلاحية هذه الطبقة السياسية واحتفظت بالامتيازات المنفعية، وتتعارض الارستقراطية مع الديمقراطية.
أنثروبولوجيا :
تعني باللغة اليونانية علم الإنسان ، وتدرس الأنثروبولوجيا نشأة الإنسان وتطوره وتميزه عن المجموعات الحيوانية ،كما أنها تقسم الجماعات الإنسانية إلى سلالات وفق أسس بيولوجية، وتدرس ثقافته ونشاطه.
أيديولوجية:
هي ناتج عملية تكوين نسق فكري عام يفسر الطبيعة والمجتمع والفرد، ويحدد موقف فكري معين يربط الأفكار في مختلف الميادين الفكرية والسياسية والأخلاقية والفلسفية.
أوتوقراطية :
مصطلح يطلق على الحكومة التي يرأسها شخص واحد، أو جماعة، أو حزب، لا يتقيد بدستور أو قانون، ويتمثل هذا الحكم في الاستبداد في إطلاق سلطات الفرد أو الحزب، وتوجد الأوتوقراطية في الأحزاب الفاشية أو الشبيهة بها، وتعني الكلمة باللاتينية الحكم الإلهي، أي أن وصول الشخص للحكم تم بموافقة إلهية، والاوتوقراطي هو الذي يحكم حكمًا مطلقًا ويقرر السياسة دون أية مساهمة من الجماعة، وتختلف الاوتوقراطية عن الديكتاتورية من حيث أن السلطة في الأوتوقراطية تخضع لولاء الرعية، بينما في الدكتاتورية فإن المحكومين يخضعون للسلطة بدافع الخوف وحده.
براغماتية (ذرائعية) :
براغماتية اسم مشتق من اللفظ اليوناني " براغما " ومعناه العمل، وهي مذهب فلسفي – سياسي يعتبر نجاح العمل المعيار الوحيد للحقيقة؛ فالسياسي البراغماتي يدعّي دائماً بأنه يتصرف ويعمل من خلال النظر إلى النتائج العملية المثمرة التي قد يؤدي إليها قراره، وهو لا يتخذ قراره بوحي من فكرة مسبقة أو أيديولوجية سياسية محددة ، وإنما من خلال النتيجة المتوقعة لعمل . والبراغماتيون لا يعترفون بوجود أنظمة ديمقراطية مثالية إلا أنهم في الواقع ينادون بأيديولوجية مثالية مستترة قائمة على الحرية المطلقة ، ومعاداة كل النظريات الشمولية وأولها الماركسية.
بروسترايكا :
هي عملية إعادة البناء في الاتحاد السوفيتي التي تولاها ميخائيل جورباتشوف وتشمل جميع النواحي في الاتحاد السوفيتي ، وقد سخر الحزب الشيوعي الحاكم لتحقيقها ، وهي تفكير وسياسة جديدة للاتحاد السوفيتي ونظرته للعالم ، وقد أدت تلك السياسة إلى اتخاذ مواقف غير متشددة تجاه بعض القضايا الدولية ، كما أنها اتسمت بالليونة والتخلي عن السياسات المتشددة للحزب الشيوعي السوفيتي .
بروليتاريا :
مصطلح سياسي يُطلق على طبقة العمال الأجراء الذين يشتغلون في الإنتاج الصناعي ومصدر دخلهم هو بيع ما يملكون من قوة العمل، وبهذا فهم يبيعون أنفسهم كأي سلعة تجارية.
وهذه الطبقة تعاني من الفقر نتيجة الاستغلال الرأسمالي لها، ولأنها هي التي تتأثر من غيرها بحالات الكساد والأزمات الدورية، وتتحمل هذه الطبقة جميع أعباء المجتمع دون التمتع بمميزات متكافئة لجهودها. وحسب المفهوم الماركسي فإن هذه الطبقة تجد نفسها مضطرة لتوحيد مواقفها ليصبح لها دور أكبر في المجتمع.
بورجوازية :
تعبير فرنسي الأصل كان يُطلق في المدن الكبيرة في العصور الوسطى على طبقة التجار وأصحاب الأعمال الذين كانوا يشغلون مركزاً وسطاً بين طبقة النبلاء من جهة والعمال من جهة أخرى، ومع انهيار المجتمع الإقطاعي قامت البورجوازية باستلام زمام الأمور الاقتصادية والسياسية واستفادت من نشوء العصر الصناعي ؛ حتى أصبحت تملك الثروات الزراعية والصناعية والعقارية، مما أدى إلى قيام الثورات الشعبية ضدها لاستلام السلطة عن طريق مصادرة الثروة الاقتصادية والسلطة السياسية.
والبورجوازية عند الاشتراكيين والشيوعيين تعني الطبقة الرأسمالية المستغلة في الحكومات الديمقراطية الغربية التي تملك وسائل الإنتاج.
بيروقراطية :
البيروقراطية تعني نظام الحكم القائم في دولة ما يُشرف عليها ويوجهها ويديرها طبقة من كبار الموظفين الحريصين على استمرار وبقاء نظام الحكم لارتباطه بمصالحهم الشخصية ؛ حتى يصبحوا جزءً منه ويصبح النظام جزءً منهم، ويرافق البيروقراطية جملة من قواعد السلوك ونمط معين من التدابير تتصف في الغالب بالتقيد الحرفي بالقانون والتمسك الشكلي بظواهر التشريعات، فينتج عن ذلك " الروتين " ؛ وبهذا فهي تعتبر نقيضاً للثورية، حيث تنتهي معها روح المبادرة والإبداع وتتلاشى فاعلية الاجتهاد المنتجة ، ويسير كل شيء في عجلة البيروقراطية وفق قوالب جاهزة، تفتقر إلى الحيوية. والعدو الخطير للثورات هي البيروقراطية التي قد تكون نهاية معظم الثورات، كما أن المعنى الحرفي لكلمة بيروقراطية يعني حكم المكاتب.
تعددية :
مذهب ليبرالي يرى أن المجتمع يتكون من روابط سياسية وغير سياسية متعددة، لها مصالح مشروعة متفرقة، وأن هذا التعدد يمنع تمركز الحكم ، ويساعد على تحقيق المشاركة وتوزيع المنافع.
تكنوقراطية :
مصطلح سياسي نشأ مع اتساع الثورة الصناعية والتقدم التكنولوجي، وهو يعني (حكم التكنولوجية) أو حكم العلماء والتقنيين، وقد تزايدت قوة التكنوقراطيين نظراً لازدياد أهمية العلم ودخوله جميع المجالات وخاصة الاقتصادية والعسكرية منها، كما أن لهم السلطة في قرار تخصيص صرف الموارد والتخطيط الاستراتيجي والاقتصادي في الدول التكنوقراطية، وقد بدأت حركة التكنوقراطيين عام 1932 في الولايات المتحدة الأمريكية ،حيث كانت تتكون من المهندسين والعلماء والتي نشأت نتيجة طبيعة التقدم التكنولوجي.
أما المصطلح فقد استحدث عام 1919 على يد وليام هنري سميث الذي طالب بتولي الاختصاصيين العلميين مهام الحكم في المجتمع الفاضل.
ثيوقراطية :
نظام يستند إلى أفكار دينية مسيحية ويهودية ، وتعني الحكم بموجب الحق الإلهي ! ، وقد ظهر هذا النظام في العصور الوسطى في أوروبا على هيئة الدول الدينية التي تميزت بالتعصب الديني وكبت الحريات السياسية والاجتماعية ، ونتج عن ذلك مجتمعات متخلفة مستبدة سميت بالعصور المظلمة.
دكتاتورية :
كلمة ذات أصل يوناني رافقت المجتمعات البشرية منذ تأسيسها ، تدل في معناها السياسي حالياً على سياسة تصبح فيها جميع السلطات بيد شخص واحد يمارسها حسب إرادته، دون اشتراط موافقة الشعب على القرارات التي يتخذها.
ديماغوجية :
كلمة يونانية مشتقة من كلمة (ديموس)، وتعني الشعب، و(غوجية) وتعني العمل، أما معناها السياسي فيعني مجموعة الأساليب التي يتبعها السياسيون لخداع الشعب وإغراءه ظاهرياً للوصول للسلطة وخدمة مصالحهم.
ديمقراطية :
مصطلح يوناني مؤلف من لفظين الأول (ديموس) ومعناه الشعب، والآخر (كراتوس) ومعناه سيادة، فمعنى المصطلح إذاً سيادة الشعب أو حكم الشعب . والديمقراطية نظام سياسي اجتماعي تكون فيه السيادة لجميع المواطنين ويوفر لهم المشاركة الحرة في صنع التشريعات التي تنظم الحياة العامة، والديمقراطية كنظام سياسي تقوم على حكم الشعب لنفسه مباشرة، أو بواسطة ممثلين منتخبين بحرية كاملة ( كما يُزعم ! ) ، وأما أن تكون الديمقراطية اجتماعية أي أنها أسلوب حياة يقوم على المساواة وحرية الرأي والتفكير، وأما أن تكون اقتصادية تنظم الإنتاج وتصون حقوق العمال، وتحقق العدالة الاجتماعية.
إن تشعب مقومات المعنى العام للديمقراطية وتعدد النظريات بشأنها، علاوة على تميز أنواعها وتعدد أنظمتها، والاختلاف حول غاياتها ، ومحاولة تطبيقها في مجتمعات ذات قيم وتكوينات اجتماعية وتاريخية مختلفة، يجعل مسألة تحديد نمط ديمقراطي دقيق وثابت مسألة غير واردة عملياً، إلا أن للنظام الديمقراطي ثلاثة أركان أساسية:
أ- حكم الشعب .
ب-المساواة .
ج- الحرية الفكرية .
ومعلوم استغلال الدول لهذا الشعار البراق الذي لم يجد تطبيقًا حقيقيًا له على أرض الواقع ؛ حتى في أعرق الدول ديمقراطية – كما يقال - . ومعلوم أيضًا تعارض بعض مكونات هذا الشعار البراق الذي افتُتن به البعض مع أحكام الإسلام .
راديكالية (جذرية) :
الراديكالية لغة نسبة إلى كلمة راديكال الفرنسية وتعني الجذر، واصطلاحاً تعني نهج الأحزاب والحركات السياسية الذي يتوجه إلى إحداث إصلاح شامل وعميق في بنية المجتمع، والراديكالية هي على تقاطع مع الليبرالية الإصلاحية التي يكتفي نهجها بالعمل على تحقيق بعض الإصلاحات في واقع المجتمع، والراديكالية نزعة تقدمية تنظر إلى مشاكل المجتمع ومعضلاته ومعوقاته نظرة شاملة تتناول مختلف ميادينه السياسية والدستورية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية، بقصد إحداث تغير جذري في بنيته، لنقله من واقع التخلف والجمود إلى واقع التقدم والتطور.
ومصطلح الراديكالية يطلق الآن على الجماعات المتطرفة والمتشددة في مبادئها.
رأسمالية :
الرأسمالية نظام اجتماعي اقتصادي تُطلق فيه حرية الفرد في المجتمع السياسي، للبحث وراء مصالحه الاقتصادية والمالية بهدف تحقيق أكبر ربح شخصي ممكن، وبوسائل مختلفة تتعارض في الغالب مع مصلحة الغالبية الساحقة في المجتمع... وبمعنى آخر : إن الفرد في ظل النظام الرأسمالي يتمتع بقدر وافر من الحرية في اختيار ما يراه مناسباً من الأعمال الاقتصادية الاستثمارية وبالطريقة التي يحددها من أجل تأمين رغباته وإرضاء جشعه، لهذا ارتبط النظام الرأسمالي بالحرية الاقتصادية أو ما يعرف بالنظام الاقتصادي الحر، وأحياناً يخلي الميدان نهائياً لتنافس الأفراد وتكالبهم على جمع الثروات عن طريق سوء استعمال الحرية التي أباحها النظام الرأسمالي.
رجعية :
مصطلح سياسي اجتماعي يدل على التيارات المعارضة للمفاهيم التقدمية الحديثة وذلك عن طريق التمسك بالتقاليد الموروثة، ويرتبط هذا المفهوم بالاتجاه اليميني المتعصب المعارض للتطورات الاجتماعية السياسية والاقتصادية إما من مواقع طبقية أو لتمسك موهوم بالتقاليد، وهي حركة تسعى إلى التشبث بالماضي؛ لأنه يمثل مصالح قطاعات خاصة من الشعب على حساب الصالح العام. ( وقد استورد المنافقون هذا المصطلح من الغرب وحاولوا إلصاقه بأهل الإسلام ! الداعين إلى تحكيم الكتاب والسنة ) .
شوفينية :
مصطلح سياسي من أصل فرنسي يرمز إلى التعصب القومي المتطرف، وتطور معنى المصطلح للدلالة على التعصب القومي الأعمى والعداء للأجانب، كما استخدم المصطلح لوصم الأفكار الفاشية والنازية في أوروبا، ويُنسب المصطلح إلى جندي فرنسي اسمه نيقولا شوفان حارب تحت قيادة نابليون وكان يُضرب به المثل لتعصبه لوطنه.
غيفارية :
نظرية سياسية يسارية نشأت في كوبا وانتشرت منها إلى كافة دول أمريكا اللاتينية، مؤسسها هو ارنتسوتشي غيفارا أحد أبرز قادة الثورة الكوبية، وهي نظرية أشد تماسكاً من الشيوعية، وتؤيد العنف الثوري ، وتركز على دور الفرد في مسار التاريخ، وهي تعتبر الإمبريالية الأمريكية العدو الرئيس للشعوب، وترفض الغيفارية استلام السلطة سلمياً وتركز على الكفاح المسلح وتتبنى النظريات الاشتراكية.
فاشية :
نظام فكري وأيديولوجي عنصري يقوم على تمجيد الفرد على حساب اضطهاد جماعي للشعوب، والفاشية تتمثل بسيطرة فئة دكتاتورية ضعيفة على مقدرات الأمة ككل، طريقها في ذلك العنف وسفك الدماء والحقد على حركة الشعب وحريته، والطراز الأوروبي يتمثل بنظام هتلر وفرانكو وموسيليني، وهناك عشرات التنظيمات الفاشية التي ما تزال موجودة حتى الآن ، وهي حالياً تجد صداها عند عصابات متعددة في العالم الثالث، واشتق اسم الفاشية من لفظ فاشيو الإيطالي ويعني حزمة من القضبان استخدمت رمزاً رومانياً يعني الوحدة والقوة، كما أنها تعني الجماعة التي انفصلت عن الحزب الاشتراكي الإيطالي بعد الحرب بزعامة موسيليني الذي يعتبر أول من نادى بالفاشية كمذهب سياسي.
فيدرالية :
نظام سياسي يقوم على بناء علاقات تعاون محل علاقات تبعية بين عدة دول يربطها اتحاد مركزي ؛ على أن يكون هذا الاتحاد مبنيًا على أساس الاعتراف بوجود حكومة مركزية لكل الدولة الاتحادية، وحكومات ذاتية للولايات أو المقاطعات التي تنقسم إليها الدولة، ويكون توزيع السلطات مقسماً بين الحكومات الإقليمية والحكومة المركزية.
كونفدرالية :
يُطلق على الكونفدرالية اسم الاتحاد التعاهدي أو الاستقلالي ؛ حيث تُبرم اتفاقيات بين عدة دول تهدف لتنظيم بعض الأهداف المشتركة بينها ؛ كالدفاع وتنسيق الشؤون الاقتصادية والثقافية ، وإقامة هيئة مشتركة تتولى تنسيق هذه الأهداف ، كما تحتفظ كل دولة من هذه الدول بشخصيتها القانونية وسيادتها الخارجية والداخلية ، ولكل منها رئيسها الخاص بها .
ليبرالية (تحررية) :
مذهب رأسمالي اقترن ظهوره بالثورة الصناعية وظهور الطبقة البرجوازية الوسطى في المجتمعات الأوروبية، وتمثل الليبرالية صراع الطبقة الصناعية والتجارية التي ظهرت مع الثورة الصناعية ضد القوى التقليدية الإقطاعية التي كانت تجمع بين الملكية الاستبدادية والكنيسة.
وتعني الليبرالية إنشاء حكومة برلمانية يتم فيها حق التمثيل السياسي لجميع المواطنين ، وحرية الكلمة والعبادة ، وإلغاء الامتيازات الطبقية، وحرية التجارة الخارجية ، وعدم تدخل الدولة في شؤون الاقتصاد إلا إذا كان هذا التدخل يؤمن الحد الأدنى من الحرية الاقتصادية لجميع المواطنين.
( وقد افتُتن مقلدو الغرب لدينا بهذه الفكرة الجاهلية التي تُعارض أحكام الإسلام في كثير مما نادت به ؛ وعلى رأسه : حرية الكفر والضلال والجهر به ؛ والمساواة بين ما فرق الله بينه .. الخ الانحرافات التي ليس هنا مجال ذكرها ) .
مبدأ أيزنهاور:
أعلنه الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور في الخامس من يناير عام 1957م ضمن رسالة وجهها للكونجرس في سياق خطابه السنوي الذي ركز فيه على أهمية سد الفراغ السياسي الذي نتج في المنطقة العربية بعد انسحاب بريطانيا منها، وطالب الكونجرس بتفويض الإدارة الأمريكية بتقديم مساعدات عسكرية للدول التي تحتاجها للدفاع عن أمنها ضد الأخطار الشيوعية، وهو بذلك يرمي إلى عدم المواجهة المباشرة مع السوفيت وخلق المبررات، بل إناطة مهمة مقاومة النفوذ والتسلل السوفيتي إلى المناطق الحيوية بالنسبة للأمن الغربي بالدول المعنية الصديقة للولايات المتحدة عن طريق تزويدها بأسباب القوة لمقاومة الشيوعية ، وكذلك دعم تلك الدول اقتصادياً حتى لا تؤدي الأوضاع الاقتصادية السيئة إلى تنامي الأفكار الشيوعية.
ولاقى هذا المبدأ معارضة في بعض الدول العربية بدعوى أنه سيؤدي إلى ضرب العالم العربي في النهاية، عن طريق تقسيم الدول العربية إلى فريقين متضاربين : أحدهما مؤيد للشيوعية والآخر خاضع للهيمنة الغربية.
مبدأ ترومان :
أعلنه الرئيس الأمريكي هاري ترومان في مارس 1947 م للدفاع عن اليونان وتركيا وشرق البحر الأبيض المتوسط في وجه الأطماع السوفيتية، ودعم الحكومات المعارضة للأيديولوجيات السوفيتية الواقعة في هذه المنطقة، والهدف من هذا المبدأ هو خنق القوة السوفيتية ومنعها من التسرب إلى المناطق ذات الثقل الاستراتيجي والاقتصادي البارز بالنسبة للأمن الغربي.
مبدأ كارتر :
أعلنه الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، أكد فيه تصميم الولايات المتحدة على مقاومة أي خطر يهدد الخليج ؛ بما في ذلك استخدام القوة العسكرية، وكانت جذور هذا المبدأ هي فكرة إنشاء قوات التدخل السريع للتدخل في المنطقة وحث حلفائها للمشاركة في هذه القوة، وقد أنشئت قيادة عسكرية مستقلة لهذه القوة عرفت (بالسنتكوم).
مبدأ مونرو:
وضعه الرئيس الأمريكي جيمس مونرو عام 1823 م وحمل اسمه ؛ وينص على تطبيق سياسة شبه انعزالية في الولايات المتحدة الأمريكية في علاقاتها الخارجية، وظل هذا المبدأ سائداً في محدودية الدور الأمريكي في السياسة الدولية حتى الحرب العالمية الثانية في القرن الحالي حين خرجت أمريكا إلى العالم كقوة دنيوية عظمى.
مبدأ نيكسون:
أعلنه الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في يوليو عام 1969 م ؛ وينص على أن الولايات المتحدة ستعمل على تشجيع بلدان العالم الثالث على تحمل مسؤوليات أكبر في الدفاع عن نفسها، وأن يقتصر دور أمريكا على تقديم المشورة وتزويد تلك الدول بالخبرة والمساعدة ( ! )
مبدأ ويلسون :
وضعه الرئيس الأمريكي وودر ويلسون عام 1918 م ؛ ويتألف من 14 نقطة، ويركز على مبدأ الاهتمام بصورة أكبر بمستقبل السلم والأمن في الشرق الأوسط ، وكان هذا المبدأ ينص على علنية الاتفاقيات كأساس لمشروعيتها الدولية، وهو ما كان يحمل إدانة صريحة لاتفاقية سايكس بيكو التي سبقت إعلانه بسنتين، ولمبدأ الممارسات الدبلوماسية التآمرية التي مارستها تلك الدول.
كما دعا مبدأ ويلسون ضمن بنوده إلى منح القوميات التي كانت تخضع لسلطة الدولة العثمانية كل الضمانات التي تؤكد حقها في الأمن والتقدم والاستقلال، والطلب من حلفائه الأوروبيين التخلي عن سياساتهم الاستعمارية واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها ( ! )
ولما اصطدمت مبادئه بمعارضة حلفائه الأوروبيين في المؤتمر الذي عقد بعد الحرب العالمية الأولى في باريس، أمكن التوفيق بين الموقفين بالعثور على صيغة (الانتداب الدولي) المتمثل في إدارة المناطق بواسطة عصبة الأمم وبإشراف مباشر منها، على أن توكل المهمة لبريطانيا وفرنسا نيابة عن العصبة ( !)
يسار - يمين :
اصطلاحان استخدما في البرلمان البريطاني، حيث كان يجلس المؤيدون للسلطة في اليمين ، والمعارضون في اليسار ؛ فأصبح يُطلق على المعارضين للسلطة لقب اليسار، وتطور الاصطلاحان نظراً لتطور الأوضاع السياسية في دول العالم ؛ حيث أصبح يُطلق اليمين على الداعين للمحافظة على الأوضاع القائمة، ومصطلح اليسار على المطالبين بعمل تغييرات جذرية، ومن ثم تطور مفهوم المصطلحان إلى أن شاع استخدام مصطلح اليسار للدلالة على الاتجاهات الثورية ، واليمين للدلالة على الاتجاهات المحافظة، والاتجاهات التي لها صبغة دينية.
سليمان بن صالح الخراشي
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)